كفاءات تونس في كل أصقاع العالم و في فريجيديرات الادارة جاهزون لصياغة مشروع تونس الكبير، حتى لو حلمنا بكتابة مشروع تونس 2040 . لا ننكر ابدا ان العملية السياسية التي دمرتها المؤامرات و لوبيات الريع بأيدي القوى السياسية الغادرة قد جعلت اليوم. المطلب الادنى للوطنيين الصادقين هو حفظ الادنى من سلامة المسار الديمقراطي في انتظار ان يقيض الله للبلاد قوى سياسية وطنية تنتصر نهائيا بموازين قوى واضحة لبناء المستقبل …
ليس الامر سهلا و قد اختلطت الاوراق و تشابكت السبل و أصبح من العسير ان نميز الخبيث من الطيب. فالجميع يبكي و لا ندري من سرق المصحف ...بشاعة ما يكشف باستمرار من خطط جهنمية للاحتراب الاهلي يجعل امل التونسيين في بداية اول خطوة على طريق الحلم الوطني الجامع يضعف و يقوى مثل بندول ساعة لا يكف عن النوسان يمينا و يسارا بين يأس و رجاء .. يبدو ان طريقا طويلا للفضح و الكشف لابد ان يقطع حتى يستقر الناس على تبين الحقيقة …
هي تقريبا نفس وضعية كل اقطار العالم العربي ...لكن تونس كغيرها من البلدان الصغيرة و المحدودة الامكانيات لا تملك رفاهة اضاعة الوقت في الفرز ...انا لست مع تضييع الوقت في ما يسمى حوارا بين القوى السياسية المتنافرة او تجميع ما لا يجمع ...من كان يملك القدرة على تجميع هذه الكفاءات الوطنية لو قبلت العمل معه فليفعل ...عندما يصبح لتونس مشروعها الكبير الذي تصوغه هذه الكفاءات المغيبة عندها سوف يكون لهذا المشروع قادته السياسيين و احزابه الحاملة و مجتمعه الحاضن …
المطلوب اليوم من القوى التي اختبرت و نجحت في امتحان الانحياز للديمقراطية و نصرة ثورة هذا الشعب و الانحياز للانتقال السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي ان تشتغل مع كفاءات البلاد العلمية في الداخل و الخارج و ان تمنحها اطارا لصناعة الافكار و البرامج في المجال الصناعي و الفلاحي و التعليمي و الثقافي و ان يكون دور القوى السياسية الوطنية و الثورية و الديمقراطية من محافظين و غيرهم هو فقط العمل على تعبئة الشعب حول هذا المشروع و البرامج و تقديمها للقوى الدولية الداعمة …
تونس ليست اقل من ماليزيا و سنغافورة و كوريا الجنوبية و اثيوبيا …لا بل انها ليست اقل حتى من تركيا و غيرها من النماذج التنموية الناجحة في العقود الثلاثة الماضية …يكفي فقط ان نترك الكلمة لكفاءاتنا من شباب و كهول، بل و شيوخ اشرفوا على مشاريع تنموية في بلدان العالم اجمع و يريدون افادة البلاد .
و حتى اكون واضحا اقدر ان هذه المهمة مطروحة اليوم على اكبر الاحزاب في المنظومة الجديدة اعني حركة النهضة شرط ان تقتنع باليأس من جدوى المراهنة على منظومة قديمة يئست منها حتى الدولة العميقة و القوى الراعية للانتقال لان هذه القديمة المرسكلة منظومة لا تفعل للأسف غير تكرار برامج حكمها الفاشل منذ 1956 و لا تتحرك الا ضمن لوبياتها الجشعة و تصدير. " مصميصة " كوادرها السياسية الشابة. التي تربت في اكاديمية الانتهازية و الفراغ و التحيل و تنظيم تجمع الاستبداد و الفساد و المؤامرة للاستمرار في الحكم .
حسم النهضة في هذا الخيار بجب ان يوازيه حسم قوى و شخصيات وطنية و ديمقراطية صادقة في طيف واسع من قوى قدمت نفسها زورا و خداعا ممثلة للثورة و التقدم و الانتقال و هاهي تنكشف بشكل دراماتيكي في غضون هذه السنة و النصف لتظهر حقيقة مشروعها بأنها ليست اكثر من قوى وظيفية من مهووسي الايديولوجيا و الخدم الموضوعيين للقديم الفاسد و حلفاء لكل مضاددة و هواة لكل مشاريع الفاشيات و الحنين الى الديكتاتوريات الاستئصالية بدعوى مقاومة الاسلام السياسي في حين انها ليست اكثر من قوى مدفوعة بنزوة الحكم و مقاومة لكل نهوض و انعتاق على قاعدة الشراكة الوطنية .
اليأس من هذه القوى المنكشفة يقتضي في نفس الوقت الاسراع ببناء القوة الديمقراطية الوطنية الاجتماعية التي تملأ الفراغ و تكون رديفا للقوة الديمقراطية المحافظة اي للنهضة اذا اراد هذا الحزب الاكبر. ان يتحول بدون تردد و بكل وضوح الى قوة اسلام ديمقراطي و كفاحي شريك مع هذه القوة في بناء المشروع الوطني لتونس القوية و المزدهرة .و لن يكون ذلك ممكنا لحركة النهضة الا اذا انجزت انتقالها الحزبي على هذه القاعدة تماما اي قاعدة الانحياز و تمثيل المشروع الوطني الجديد بعيدا عن كل اشكال المهادنة البراغماتية و الاستصحاب التكتيكي لقديم يخترقه الفساد و يحكمه و يكبله الارتهان و يعيقه ما يجعله قديما ممانعا لكل تطور و اصلاح لا يفعل غير ابتزاز القوى الجديدة بعضها ببعض .
ان اغلبية الشعب التونسي و كفاءاته الوطنية في الداخل و المهجر و مجتمعه الاهلي العميق منحاز الى التغيير الثوري العميق و البناء الوطني ممثلا في هاتين القوتين المفترضتين لو تشكلتا على ما ذكرناه اعلاه رغم ما نراه في السطح و الحاصل الانتخابي الموجه من استمرار سيطرة النخبة التعيسة بأعلامها و مجتمعها المدني المصنوع بحيث تبدو و كأنها هي الاغلبية نظرا لنجاحها في ترذيل الثورة و الديمقراطية و تصعيد ذيولهم مشتتة الى سدة السلطة التشريعية و التنفيذية ليمارسوا عبرهم تزييف الصراع .
ان بناء قوة سياسية ديمقراطية اجتماعية ثورية موحدة مع نهضة تختار بوضوح و دون خوف او خضوع للابتزاز موقعها الى جانب المستضعفين و راس المال الوطني الصاعد و صغار الكسبة. و الفلاحين …ان هذا البناء و التحالف مع مشروع تكتبه الكفاءات يمكن ان يقدم للناس رأسي مشروع حكم كبير بخطاب سياسي و ثقافي منصهر لن تهزمه هذه القوى القديمة و ذيولها الوظيفية و الفاشية بكل ما تستحوذ عليه من اذرع اعلامية و اكاديمية و مواقع في اجهزة الدولة عميقة و مقدرات مال و مراكز نفوذ .
ان استعادة سياق انتخابات. اكتوبر 2011 ممكن… فقط مع الوعي بالفوارق و الفرز الذي انجزه الزمن و تجنب الاختراقات و الحماقات و الاخطاء التي ارتكبت في 2012 و 2013 .
هذا ما يعرفه المرعوبون و لذلك يتامرون على البلاد لمنع وقوعه و لكن هذا ما يريده كل اصدقاء تونس و ثورتها و مساندي انتقالها و مسارها …هل يقع ؟ ..ننتظر و نرى.