شكلا، قيس سعيد يمثل القالب المثالي الذي يبحثون عنه لهذه المرحلة...رجل بلا تاريخ، فوق الأحزاب والتنظيمات، يتكلم بلغة الإسلام ويعادي ما يسمى بالإسلام السياسي السنّي. يدّعي وصلا بفلسطين ولا مشكلة له مع التطبيع.
يدّعي محاربة الفساد في العلن ويغازل الفاسدين الكبار في السر. الإحتلال عنده حماية و طلب الإعتذار من فرنسا تطاول على المقامات. عارض مشروع الحريات الذي قبر في عهد الباجي، ولكنه بادر بتعيين إمرأة في مقام وزيرة أولى من اللاّتي يكنّن ودّا خاصا "للخواجات" فأصبح عند قصيري النظر حداثيا شكلانيا بامتياز.
هذا الرجل بإمكانه أن يخرّب التقليد ويفسد الحداثة و ينتقم من العروبة والإسلام في الوقت نفسه...إنه فعلا العصفور النادر الذي يبحثون عنه. مشكلته فقط أنّه كثيرا ما يخرج عن النص ويبدي على الأقل في الظاهر عدم التزام بما يأمرونه به.
عندما يصبح خطرا على نفسه وعليهم سيقومون بتحجيم دوره بعودة البرلمان الذي سيلتزم هذه المرة بتجنب ارتكاب الكبائر الذي أدت إلى تجميده. لن يسمح مستقبلا لهذا البرلمان بالحديث عن مراجعة العقود التي فرضها علينا المحتل لاستغلال ثروات بلادنا. ولن يسمح له مستقبلا بمطالبة المحتل بالاعتذار ولا بتجريم التطبيع.
سنكتشف وخلافا لما يتم ترويجه انطلاقا من البهلونيات الركحية التي دأبت عليها عبير موسى، تلك المرأة الوظيفة التي تمرح اليوم خارج البرلمان تحت غطاء أمني أن السبب الرئيسي لتجميد البرلمان هو تخطيه للخطوط الحمراء غير المسموح بتجاوزها. وذلك ما يفسّر هذا التعامل الهمجي مع نواب ائتلاف الكرامة.