تدرك حركة البراميل المتفجّرة، أنّها عاجزة بالدّيمقراطيّة، كغيرها من الحركات القوميّة المؤدلجة، فكان عليها أن تترقّب حركة من مستبدّ ، أيّان كان هذا المستبدّ ، يعصمها من شبح الإندثار، ويعيشون في كنفه، يكفيهم مأزق الدّيمقراطيّة، ولأنْهم موحّدون جدّا، فهم لايريدون شريكا لمستبدّهم ، ولاصوتا معارضا ،كما لايريدون شريكا لهم في المواطنة،منشغلون إلى حدّ الهوس بكلّ التّجارب العنفيّة، حتّى أصبح العنف عقيدة راسخة، صعّبت عليهم التّطبيع مع الدّيمقراطيّة، رغم تجربة عشريّة الإنتقالي الدّيمقراطي.
هل يستطيع مجتمع ما أن ينهض بمثل هذه العقول الظّلمانيّة وبمثل هؤلاء الرّوافض للحرّيّة؟ كلامهم،يدهش من لا يعرفهم: " نحن القوى التّقدّميّة... نحن القوى الحداثيّة، نحن اكبر قوّة في البلاد".. شعارات تعوّدوا ترديدها، ليس لإقناع غيرهم، فهم عندهم، كذّابون إلى يوم الدّين.. ولكن ليقنعوا أنفسهم أنّهم حداثيون وأنّهم ديمقراطيّون،وأنّهم يناضلون،لكن من أجل ماذا يناضلون؟ قمع الحرّبات عندهم نضال.. وتجريف الحياة السّياسيّة من حيويّتها وتعدّدها نضال، وتمجيد التّجارب الإنقلابيّة نضال،يقول أحدهم إنهم تعلمّوا من عبد النّاصر الرّجولة"!! وماتعلّموا منه غير الإنقلاب. "
تصل الوقاحة بأحدهم أن يعتبر "ديمقراطيّة الأسد"، جديرة بالتّدريس في أرقى الجامعات.. بينما الدّيمقراطيّة النّاشئة في تونس جديرة بالإجتثاث.. لاَوقت لديهم للبحث في جدوى الحرّيّة، ولا حقّ لغيرهم في الحديث عنها.أنفقوا أكثر من نصف قرن لتخريب العالم العربي وقتل الحرّيّات وتصفية الخصوم، ورغم الشعارات المرفوعة"تحرير فلسطين" و"المصير العربي المشترك"،
فلا فلسطين تحرّرت على ايديهم (بل نكبت) ولا الوحدة، أيّا كان شكلها تحقّقت، ولاهم أبقوا على حقوق النّاس وحرّياتهم، فضلا عن مدنيّة الدولة.. حالهم كحال المنبتّ"لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى".