لا حوار إلَّا مع الحرس الشَّخصي فقط.. صورة مُهينة لرئيس الجمهوريَّة وهو يتحاور في شؤون الدَّولة وملفَّات تسيير الشَّأن العام مع حرَّاسه الشَّخصيِّين، فقط وبدون مستشارين ولا وزراء ولا مسؤولين، ويعلن أمام "الحرس الشَّخصي" لأعوان إدارة أمن رئيس الجمهوريَّة والشَّخصيَّات الوطنيَّة، وبحضور كاميرا القناة الوطنيَّة العموميَّة الأولى، عن رفضه للحوار الوطني وعن تجريم خصومه وعن تجريم القضاء الَّذين يتجرَّأون على تبرئتهم، ويبارك التَّصرُّف اللَّاقانوني لبعض الأجهزة الأمنيَّة بإيقاف قاض بعد قرار القضاء الإبقاء عليه بحالة سراح بل وإيداعه بمستشفى الأمراض العقليَّة في خرق صارخ لمسطرة الإجراءات وللقانون ولساتقلاليَّة القضاء،
ويخضع لاستبلاه واستغباء وَالِيهِ لحكومة الرَّئيس للتَّدابير الاستثنائيَّة على بن عروس الَّذي يفحص ما لا يفقه فيه من أدوية غير صالحة غير مطابقة للمواصفات أو انتهت صلاحيَّتها ويوهم بأنَّها احتكار ومضاربة، في غياب العميد طبيب عسكري وزير التَّدابير الاستثنائيَّة للصِّحَّة..
وظيفة الحُرَّاس الشَّخصيِّين لرئيس الجمهوريَّة أعوان الإدارة العامَّة لحماية رئيس الجمهوريَّة والشَّخصيَّات هي حمايته من كل مكروه وإنقاذ حياته مهما كانت الوضعيَّات حفاظا على مكانته وسلامته البدنيَّة وحفاظا على وظيفته السّؤياديَّة في الدَّولة…
وأي تشويش على هاته المُهمَّ المقدَّسة يُخل بواجبات التَّركيز المطلق على واجبات الحماية.. بالإضافة لأنَّ وظائفهم وتكوينهم العسكري والأمني يسمح لهم بإعطاء المشورة الأمنيَّة لتنقُّلات رئيس الجمهوريَّة داخل البلاد وخارجها، ولكن لا يسمح لهم إطلاقا بإبداء الرَّأي الاستشاري في تسيير شؤون الدَّولة خارج اختصاص حماية رئيس الجمهوريَّة أثناء تنُقلاته خارج القصر..
في أيِّ بلاد تحترم نفسها تقوم إدارة حماية رئيس الدَّولة بالتَّنبيه عليه وعلى العون بعدم العود لتشتيت تركيزه بالقيام بوظائف غير الحماية المنوطة بعُهدته لتفادي أيِّ مكروه..
والمفارقة أنَّ رئيس الجمهوريَّة الَّذي يرفض الحوار الوطني الَّذي دعت له قوى سياسيَّة واجتماعيَّة عديدة وانتظمت له مبادرات وطنية متعدِّدة، المفارقة أنَّ نفس الرَّئيس لا يستمع لأحد حتَّى لوزرائه ومستشاريه ولا يتحاور إلَّا مع أعوان حراسته الخاصَّة.. وهي صورة مُهينة لرئيس ولرئاسة الجمهوريَّة أوَّلا وللدَّولة التُّونسيَّة قبل ذلك وبعده…