ساعة كتبت عنه ثلاث تدوينات أيام منع ترويجه بمعرض تونس الدولي للكتاب، كان ذلك انتصارا مبدئيا للحرية ورفضا مطلقا لسلطة البوليس على المعرفة والابداع مهما بدا صابئا.(كان سيكون نفس موقفي مع أي كاتب) .
زرت جناح دار الكتاب التي نشرته اسنادا لصاحبها السيد الحبيب زغبي، وقصدت مكتبة الكتاب بوسط العاصمة لاقتنائه لكن صديقي الشيوعي الجميل جمال أعلمني أن الدفعة الأولى نفذت، قائلا آخر نسخة بعتها البارحة، مضيفا، دخل بوليس يسألني عن الكتاب، أجبته كون آخر نسخة بيعت البارحة، قال، سألني ما اسم من اشتراها، مما اضطرني إلى الصراخ في وجهه، تفضل سامحني، خرج البرّة وانشغل بخشخشة جهاز اتصاله لترهيبي وانسحب لاحقا.
لكني هذه المرة أكتب عنه بعدما اقتنيته منذ يومين. كان من الوارد أن العن نفسي بصمت كوني اشتريت كتابا لا يستحق ثمنه. لكن والله عيب ما كتبه عنه اشباه الشعراء والروائيين.
الكتاب مقالات وليس رواية لكن أجزم أن لو سلمته لناقد أدبي بعد فسخ اسم الكاتب، لقال هذا الكتاب حديث في السياسة لكن كاتبه روائي... سلاسة وجماليات وتدفق عبارات بقاموس طوني نيغري كأنما انسياب الرمل بين الأصابع بقاموس المسعدي.
كتاب تثقيفي بامتياز صاحبه كالنحلة يطوف بك بين ألف زهرة وزهرة. كتاب يوغر الصدور ضد الاستبداد والدجل الشعبوي بجماليات عالية دون التورط في الشعارات الخشبية الفجة.
لا تشتم فيه أدنى ذرة تحيز ضد طيف أيديولوجي /سياسي، ينقد الجميع ويسخر من الجميع، ويتحدث عن كل من طالتهم يد الغدر الشعبوي دونما فرز! اللافت للانتباه أن الروائي كمال الرياحي صاحب سوابق مع الرقيب السلطوي، ففي الزمن النوفمبري صودر له عمل إبداعيّ يحمل عنوان المِشرط!
كنت سأشير إلى أمر وحيد (غلاء ثمن الكتاب) 35 د (حوالي 10 دولارات) لم تعد ممكنة لقارئ نهم وجيبه مثقوب، لكني ساعة قرأت أن الرياحي تنازل عن نصيبه من الأرباح لفائدة المشروع الذي أطلقه منذ سنوات (عاضده فيه كثيرون لاحقا) مشروع مكتبات الخيال لفائدة تلاميذ جهات الغبن التنموي والمعنوي الطويل، ساعة قرات ذلك ابتسمت قائلا إذن 35 دينار حلال فيه مش خسارة.
الكتاب دخل طور الطبعة الثانية، وهو يستحق ذلك وأحرّض اصدقائي /صديقاتي الذين يتقون في رأيي على قراءته،(انسوا كمال الرياحي، وستنصفونه لاحقا). لم ألتق كمال يوما ولم أكن أستلطفه نتيجة وقوعي ضحية الصور النمطية، وبسبب وجوده في فترة ما في منابر وأطر أعتبرها مَنّا سلطويا، لكن يبدو أن الرياحي عصي على الترويض؛ يكفي هذا الاجماع على لعنه في صفوف "مبدعي" السلتيا المدعومة…
إذا أزعجكم فرنكنشتاين تـونس لكمال الرياحي، ترى ماذا سيكون موقفكم قريبا من كتاب من جنسه يحمل عنوان الشرخ الأوسخ لعماد دبور.
أكملت قراءة رواية حربوب للمبدع والباحث محمد التومي، سأكتب عنها سفودا. روايات وأعمال أخرى تنتظر دورها على السفود. عدت لعالم الرواية للتداوي من قبح اللحظة الوسخة.