أفارقة جنوب الصحراء هم آدميون من فصيلة البشر مثلنا بالضبط... حتى أنّه توجد حفريات وبحوث تؤكّد أنهم هم الأصل ونحن الفرع. هم أبناء آدم وأحفاد حوّاء وأخواننا في الإنسانية... تشاركنا نفس السفينة وعشنا نفس لحظة الطوفان.... ومررنا بنفس الحقبة الاستعمارية التي ندبت تاريخ بلداننا وخلّفت المرارة والوجع....
كوكب الأرض ملك مشاع لجميع سكّانه والتقسيمات والحدود الادارية اخترعها عقل غربي مهوس بالملك والسلطان ... الجنسيّات والهويّات العرقية والاثنية وجوازات السفر والتأشيرات والحواجز القمرقية جميعها أنتجتها "حداثة" غربية عُنصرية مُعادية للقيم الإنسانية ولحقوق البشر في التنقّل واختيار جغرافيا الإقامة....
يمين غربي مُتطرّف يزعم أنّه يدافع على حقوق الانسان الكونية (الانسان عنده هو الانسان الغربي) و"حداثة" معطوبة تُغذّي مشاعر الكراهية والعنصرية وعقلانية مزعومة تُحارب ثقافات "عجائبية" وتنتهك حرمات ومقدّسات الآخر ... وشعوب مُضطهدة تُمارس الاضطهاد على شعوب مُضطهدة أكثر منها. المغلوبين على أمرهم يخوضون معارك بالنيابة عن الرجل الأبيض الذي غَلبهم سياسيا وحضاريا... ويُطاردون مغلوبين على أمرهم أكثر منهم.
متى نستيقض من أوهامنا ونستوعب فكرة أنّ أجدادنا هزمهم الرومان وأنّ أرضنا استعمرها الفرنسيس والطليان وأنّ خيراتنا نهبها الأمريكان... ماذا فعل أفارقة جنوب الصحراء أمام الخراب الذي خلّفته بلدان شمال المتوسّط (فرنسا إيطاليا-إسبانيا) .. والخيرات التي نهبوها ومواردنا التي استنزفوها حتى الملح سرقوه....
ماذا فعل هؤلاء الذين تُطاردونهم فقط لأنهم لا يُشبهونكم... وهم في الحقيقة ليسوا سوى صورتكم بالفيلتر والفوتوشوب. المعركة الحقيقية بين شمال-جنوب وليست بين جنوب-جنوب.
للأسف دولة لا ترى ولا تنصت لصوت العقل وتخبط خبط عشوائي دون رؤية ولا تصوّر راكز... ومعارضة تجري خلف السراب وتبني في سرديات لا علاقة لها بالواقع وتنتظر في الهوامش تتحرّك لتنقضّ على السلطة...
كلّه يترنّح ... واللطخة قريبة.