نعم انه حزن وأسى تجاه مدنيين ابرياء تغطي قناة دمائهم ثرى قطاع غزة، ومن يظن أن هذه الدماء لا تحقق انجازات هامة فهو واهم للغاية. فكل دولة في العالم لها جهاز اعلامي يدافع عنها وينقل صورتها لبقية سكان المعمورة، بل ويتم الانفاق على الاعلام مقدار ما ينفق على القطاعات الاستراتيجية الاخرى احيانا، والمقاومة لها قناة اعلام ولكنها من دم طاهر..ومن برامج هذه القناة برزت بعض الفقرات :
1- ثمة شبه اجماع بين الكتاب الغربيين ان الايغال في دماء غزة هو الاكثر دفعا نحو الانفجار الاقليمي الذي لا تريده اسرائيل ، وتسعى للانفراد بغزة .. فالضغط النفسي والسياسي سيلد تداعيات جديدة ،لكن الولادة تحتاج فترة حمل ليكبر الجنين، ويرى الاعلام الغربي ان الهجمات على المستوطنات الاسرائيلية في حالة الانفجار الاقليمي ستجعلها مجرد رد فعل طبيعي على جرائم الجيش الاسرائيلي بحق اهل غزة ، وهو ما يجعل الصورة مختلفة عن معارك سابقة، وسيتفهم العالم بعضا من اسباب ضرب المستوطنات من باب رد الفعل.
2- تؤكد القنوات الاعلامية الغربية ان نسبة التركيز على الضحايا الفلسطينيين أعلى كثيرا من نسبة التركيز على التصريحات الاسرائيلية وادعاءاتها "بالإرهاب الفلسطيني" ، وهو انتصار للإعلام الفلسطيني على الاعلام الاسرائيلي ، وهو امر وصفته صحيفة التايمز المعروفة بانه سيشكل توجهات الرأي العام الدولي باتجاه في غير صالح اسرائيل ، فاستطلاع رأي بريطاني دل على ان 89% من البريطانيين يؤيدون وقف اطلاق نار فوري رغم عدم استجابة نيتنياهو لذلك، وعن اسباب موقف البريطانيين قال المستجوبون بان الضحايا من المدنيين الفلسطينيين هم السبب ، وهو امر يتسق مع ان نسبة التصويت على وقف اطلاق النار في الجمعية العامة كانت 120 لصالح المشروع ومعارضة 14 دولة (6 منها جزر صغيرة لا يصل عدد سكانها مجتمعة 6 ملايين نسمة)، وكان تركيز كل الخطب على ادانة الجزار الصهيوني الموغل في دمائكم.
3- دماء غزة وضعت نظم التطبيع في موقف حرج للغاية ، ورغم ان البعض سيرى ان هذا لا قيمة له ، ولكني اقول انتظروا ،فالفتق سيتسع على الراتق بين الشعوب والحكام .
4- ان العودة لحل الدولتين على علاته وصعوبته بل وحتى استحالته هو مؤشر على موقف كانت اسرائيل تسعى لدفنه تماما والاستمرار في الاستيطان، لكن دماء غزة مهدت الطريق لعدم استماع الرأي العام العالمي للذرائع الاسرائيلية مستقبلا.
5- دماؤكم أهالت التراب "نسبيا" على تذكير اليهود بمعاداة السامية والهولوكوست، فحيثما سيطرح اليهودي هذه الشعارات سيتم تذكيرهم "بهولوكوست غزة"، وهذا مكسب سيضعف الخطاب الصهيوني، وكل من استمع لخطاب الرئيس الروسي بوتين الاخير حول فظائع الجزار الصهيوني يدرك ان دماءكم حركت مشاعر القادة بغض النظر عن دوافعهم ، ثم لماذا قطعت بوليفيا علاقاتها مع اسرائيل، واستدعت كولومبيا سفيرها وسبقتها التشيلي، أليس هذا انتاج لدمائكم...الخ.
أخيرا ، اعلم ان البعض سيقول وما اهمية ذلك، كلام في كلام، فإذا كان الامر كذلك فلماذا :
أ- تخصص اسرائيل لهذه الحرب تحديدا ميزانية تصل الى 30 مليون دولار للدعاية ضد المقاومة فقط.
ب- خصصت اسرائيل ميزانية قيمتها 7,1 مليون دولار لانتاج يوتيوبات (فيديوهات) ضد المقاومة في هذه المعركة.
ان دماءكم حزن مثمر، وستقطف ثماره سواعد رجال جولات الصراع القادمة …