نجيب الدزيري يشكر قيس سعيد لأنه بعد 25 جويلية صار (أبناء الشعب) على حد قوله ممثلين في وسائل الإعلام (وهو لسانهم المعبر عنهم) بعد أن كان الإعلام في قبضة (البورجوازية).
وهذا ضرب آخر من ضروب الكذب والتزييف فالإعلام التونسي منذ تأسيس الإذاعة نهاية الثلاثينات والتلفزة أواسط الستينات لم يفرق في احتضان المواهب بين البورجوازيين وأولاد الحفيانة، وهذا السرطان اللعين لم يصبنا في مقتل إلا بعد 25 جويلية بسبب هؤلاء (القحافة الجدد) الذين يأكلون من كل الموائد ويعضون الأيادي التي تمتد إليهم لتطعمهم.
رموز الإعلام التونسي الكبار منذ جماعة تحت السور وحركة الطليعة الأدبية من مختلف الطبقات والجهات والمناظرات التي نظمت لاكتشاف مواهب جديدة في قناة 21 التلفزية وإذاعة الشباب عند تأسيسهما في (العهد البائد) كانت نموذجية في اعتماد مبدأ (تكافؤ الفرص) وإعلاء قيمة الكفاءة.
والذين يتصدرون المشهد الآن هم أبناء تلك التجارب الرائعة، كما إن كل الإذاعات الجهوية التي تم بعثها في التسعينات وكذلك الإذاعة الثقافية لم تميز بين غني وفقير وبين بورجوازي وبائس وأعطت فرصا حقيقية لجيل جديد من المنشطين والصحفيين من كل الآفاق. الأدلة على ما أقول كثيرة وليس هذا مجال الخوض في الأصول الاجتماعية لكبار منشطي الإذاعة والتلفزيون. فقد فرضوا أنفسهم وقضي الأمر.
يحق للدزيري أن يلعق حذاء الرئيس كيفما يشاء، فقمامة التاريخ تتسع له ولغيره، أما أن يطلق هذه الكذبة السخيفة في حق قطاع كامل ليوهمنا أنه تحرر بعد 25 جويلية من قبضة (الإقطاعيين) فهذا إمعان في تزييف الحقائق ودق الأسافين بين أبناء الوطن الواحد تحت مسميات (عنصرية) بلا معنى.