من هو الطالب؟
هو ذاك الفرد الذي ينتمي إلى شريحة عمرية محدّدة (بين 18 و 25 عشرين سنة تقريبا) jeune adulte، ساق في سنّ المراهقة وساق في سنّ الرشد... تلك المرحلة التي تتّسم في عمر الفرد بالتمرّد على السلطة (أيّ سلطة كانت)، وبالتّوق الى عالم المُثَل، وبحبّ التعبير عن هويّته الفردية والجماعية، وبتغليب الاندفاع عن الحسابات الضيّقة... فهو لا يزال عموما تحت سقف عائلة تعيله، ولا مسؤوليّات تثقل حركته... وهو في نفس الوقت ينتمي إلى فئة نجحت إلى حدّ الآن في تخطّي عقبات كثيرة في مسيرته المعرفية... فأصبح في الجامعة، حيث تنشط العلوم وكذلك الأفكار... والاحتكاك بالآخر، المماثل أو المختلف... وعلى كلّ حال فتلك المسارات ان لم تنفجر في طريق الوعي فستنفجر في سبل أخرى... هي التي نراها اليوم في تونس…
وعادة ما يكون العمل الطلابي متصّل ومتوارث، جيل بعد جيل، فيما يشبه العادات والتقاليد... ما حدث في تونس وأسَّس لما نحن فيه اليوم هو ناجم، حسب رأيي المتواضع، عن ثلاثة أسباب:
الأوّل: تدجين الحركة الطلابية من قِبَل الأحزاب الفاعلة لاستعمالها كورقة من أوراقها، تُخرجها حسب أجنداتها وتكتيكاتها الآنيّة. وقد بدأ هذا الأمر منذ أواسط الثمانينات بتأسيس اتحادات مرتبطة بالأحزاب (اليسار والاسلاميون على حدّ السواء).
الثاني: سبَبه الدَّمار الذي أحدثه بن علي بسياسة "تجفيف المنابع" فساهم بشكل كبير في خلق القطيعة التي كسرت التواصل بين الأجيال الطلابية... من دخلوا الجامعة منذ بداية التسعينات يجهلون تماما ولا يخطر على بالهم كيف كانت الأمور تُدار فيها فيما قبل…
الثالث: هو تأسيس النقابات الطلابية، بما يعنيه العمل النقابي من تنافي وتناقض مع روح التحرّر والثَّورية، وانغماس في الحسابات الانتخابية و"التكمبين" والتَّسلق وغيرها من أمراض الكبار السياسيّة... وللتذكير فإنّ الاتحاد العام لطلبة تونس قد أفرز "سمير العبيدي" وزير بن علي المستَميت في الدفاع عن نظامه إلى آخر لحظة قبل السقوط... أمّا الاتحاد العام التونسي للطلبة فقد أفرز جيلا من البروقراطية الحزبية التي حكمت البلاد لفترة ما بعد الثورة، أدّت إلى ما نحن فيه اليوم…