وما أدراك ما الڤوفرات وڤاجو الڤازوز : كل من يقصد ناجحا لتهنئته في ذلك الزمن البعيد ، عندما تحصلت على الباك ، يأتي معه بكردونة ڤوفرات ومعها ڤاجو ڤازوز ، وتحلف عليه هنية أن " يرجع للعشاء" ، وأذكر أن حوش بيتنا امتلأ بڤاجوات الڤازوز وكراتين الڤوفرات التي راح الاطفال يتخاطفونها ،ومعها قوارير السينالكو الساخنة ، فلم نكن نملك ثلاجة في ذلك الزمن، ولا يصبر أحد حتى يتم تبريد " الڤازوز في البير" من خلال وضعه في سطل وتدليته في الماء البارد، والمشكل أن كل مهنئ يلفت نظر هنية بأنه سيعود بعد يوم " باش ياخذ الشقوفات" و" يرجعها للعطار" ، وهذا معناه أنه يجب استهلاك تلك الكمية المهولة من المشروبات الغازية في يومين!
رحم الله أيام " الڤوفرات" المساهم الرسمي الوحيد في أفراح ذلك الزمن في الأرياف التونسية،
طبعا " يرجع الجميع للعشاء" بعد أن نكون قد ذبحنا كبشا أقرن احتفاء بنجاحي في الباك، والعشاء يتكون بالضرورة من " الكسكسي باللحم" ، وهو "المُني" الثابت الذي لا يتزحزح ولا يتغير ،يتحلق المدعوون على الارض في حلقات صغيرة لا يتجاوز عدد أفرادها الاربعة أو الخمسة ويتم توزيع شقايل الكسكسي على كل مجموعة، طبعا مع مراعاة الفوارق الاجتماعية : لأن " لحمة" العمدة ، وأعوان الحرس، ورئيس الشعبة وكبار الفلاحين ،يجب أن تكون مختلفة من حيث الحجم، هذه الطبقة من كبار القوم يجب أن نختار لها " لحمة باهية وهبرة وكبيرة "تمييزا لهم عن " بقية الخلق" ، وكانت هنية عندما تمدني " بشقالة الكسكسي" ، تقول لي : رد بالك كي تحط الشقالة، اللحمة هذي يلزمها تجي قدام الشيخ، وهذي قدام رئيس المركز، وهذي قدام رئيس الشعبة…
الاشكال الوحيد، عندما أعلمتها بأن من بين المدعووين المرحوم المنصف اللواتي الذي كان وقتها نائبا في مجلس الامة، فقد تساءلت فزعة رحمها الله:
-ومجلس الامة هذا أقوي وإلا أقل من رئيس المركز؟
وعندما أعلمتها انه أقوى من الجميع بما فيهم العمدة ورئيس الشعبة، احتارت في أمرها رحمها الله وتساءلت : مالا هذا ظاهرلي يلزمو لحمتين!
بالله، ناقص أنا
جاري عامل سهرية بالمزود، والابواق قالبين الدنيا، والكراهب معبية النهج، لا نجمت نصلي ، لا نقرأ شوية قرآن، لا نسمع تلفزة، والشطيح والرديح، والنساء تميّل، وأنا داخل في مرحلة تقوى بمناسبة الشهر الفضيل ، هذا لكل لأنو ولدو نجح في الباك نجاحا باهرا بمعدل 9,82شعبة اقتصاد وتصرف، ويحب يفرح بيه " لخاطر جابها الحلوف" وأثبت أنو " حاطط في قلبو" ومتحمل المسؤولية وحب يرجع الجميل لبوه من خلال هذا النجاح الباهر، بوه اللي صرف عليه زوز ملاين أوتيد ، ووكلوا ماكلة تكفي لإطعام نصف سكان الصومال،ووفرلوا كل مستلزمات النجاح والتفوق!
هاني فوق السطح نتفرج، وربي يغفر ويسامح، واش نعمل، يلزمني نفرح مع جاري، اللي عطاه ربي " ضنوة صالحة"