قبل ساعتين من الآن كان عمكم الجوادي يعتبر نفسه من جهابذة اللغة العربية وفطاحلها ولولا التواضع والحياء لاعتبر نفسه في مرتبة سيبويه وابن جنيّ وأبي العلاء ،ولكن " ما يطيّح الرطل إلاٌ الكيلو" ،فقد هاتفتني قريبة لي تدرس بكليّة الآداب ولفتت نظري للنص أسفله لدكتورة من صفاقس تتحدث فيه عن اللغة.
وطلبت مني ان أفسره لها عبر الهاتف،فوعدتها خيرا وشمّرت على ساعد الجدّ وأقسم انني طوال ساعة كاملة ومع أنني كررت قراءة الفقرة الأولى خمس مرات فإنني لم أظفر منها بقليل او كثير ولم أستطع فكّ شيفرة هذا النص المكتوب بلغة تتجاوز قدراتي الذهنية ورصيدي الفكري، ومع أنني فهمت عن عمنا الجاحظ وهو من القرن الثاني، وعن أبي العلاء وهو من القرن الرابع وعن كل الكتاب العرب السابقين واللاحقين فقد عجزت هذه المرة عن فهم فقرة كتبتها دكتورة تدرّس في الجامعة التونسية!
يا إلاهي: هل من المعقول ان أفهم عن ابن جنّي وقدامة بن جعفر وعبدالقاهر الجرجاني ولا أفهم عن " الدكتورة حشيشة"
إنه مرض " التقعّر" و " الفرسنة" اللغوية الفارغة التي تكشف عن عقليات مريضة تعتقد ان التعقيد يعني النبوغ والتفرّد والعمق بينما حدد الجاحظ البلاغة منذ قرون عندما أشار " أن خير الكلام ماكان قليله يغنيك عن كثيره، وما كان معناه في ظاهر لفظه" وأذكر هنا طرفه وقعت لنا في دار المعلمين العليا ، عندما كنا ندرس عند الأستاذ توفيق بن عامر، فقد أجابه زميلنا هشام السعداوي إجابة مليئة بألفاظ قريبة مما اعتمدته الدكتورة حشيشة في نصها فما كان من الأستاذ إلا أن سأله:
-هل هذا الكلام كلامك؟ فلما أجابه بنعم قال له ساخرا:
- لماذا لا تقول ما يُفهم؟
خمس جوار روميات لمن يفهم النص أدناه…