يكاد يجمع اغلب مؤدلجي الحركة الصهيونية، رغم الاطياف التي تميز بعضهم عن بعض، ان "التاريخ اليهودي" يخضع لغائية مسبقة، فلا شغل للتاريخ الا ان يعيد نفسه عبر "وقائع" "واحداث" لتحقيق غاية، هي في الاصل قابعة في عقل اله، قبل ان يجري التاريخ ويصبح تاريخا.. فليس التاريخ ـ عندهم ـ الا موظفا صغيرا لدى وعد الهي، غاية التاريخ القصوى ان يحققه. واذا ما تحققت فكرة الوعد الالهي حاز التاريخ على اكتماله. والوعد الالهي ارضا موعودة بمشيئة الهية. لقد تحقق الوعد الالهي في لحظة غارقة في القدم، لكن "الاغيار" قد عاندوا الارادة الالهية، وسطروا تاريخا آخر للارض الموعودة ـ فلسطين، تاريخا يمتد من القرن السادس قبل الميلاد حتى القرن العشرين الميلادي. ان ستة وعشرين قرنا من الزمان لهو زمان زائف، بشعوبه ووقائعه وحضارته لا لشيء الا انه تاريخ آخر.
ووجود الاخر في الارض الموعودة وجود مؤقت. وإذا كان وجود الاخر نفيا "لليهودي" فانه في الوقت نفسه، قد ولد فكرة الحنين إلى الارض الموعودة. وهي الفكرة، التي يقول الصهيوني عنها، انها قد رافقت اليهودي عبر تاريخه الطويل، وستقوم بدور المحرك لتاريخه، وحالت بينه وبين الاندماج مع من عاش بين ظهرانيهم. يرسم الصهيوني شموئيل ايتنفر الصورة التالية لتاريخ اليهود: "الصلات بين الشعب" اليهودي وارض "اسرائيل" تكون واحدة من اغرب الظواهر التاريخية في تاريخه الطويل.
وهي ظاهرة قد لا نقع على نظير لها في تاريخ أي شعب من الشعوب. هذا الشعب ـ "أي اليهود" شانه شان كل شعب محمل بالتاريخ، تضيع بداياته بين الاساطير الملحمية والمعطيات المتناقضة، ولكن حساسيته التاريخية الحادة ومحافظته الامينة على تراث الاقدمين… والاهمية المعطاة لاحداث ما قبيل الخروج من مصر في اخراج شخصيته القومية إلى حيز الواقع، اتاحت كلها لشعب "اسرائيل" ان يكون، منذ عصر بعيد، وجدانا قوميا عميقا. هذا الوجدان عبرت عنه التوراة قبل سواها، فكان له على طبع الشعب اثر حاسم خلال سائر القرون.
هذا الوجدان القومي سيرافق اليهود على مر التاريخ وتظل فلسطين، ـ ما يقول ايتنفرـ هي الارض الموعودة. ويمسي وجود شعب "اسرائيل" في ارضه متعلقا بنقاوة دينه وكمال خلقه. تظهر قوة هذه الافكار عند "احتلال" البابلي "لاورشليم" وهدمهم الهيكل عام 586ق.م وهي الكارثة الاولى.
تجيء الكارثة الثانية بتدمير الهيكل الثاني على ايدي الرومان عام 70. فتزيد من شوق اليهود الى الخلاص، في فلسطين وفي المنفى.
ثم كان الفتح العربي لفلسطين في القرن الثامن، فسهل العلاقات بينها وبين يهود المنفى، وحافظت البلاد على مكانها الممتاز في الوجدان القومي، وفتحها لا يكل حقا فيها. وكان الوعاظ والمتصوفة يفسرون خرابها على انه امارة من امارات الخلاص المقبل: فذلك التراب لا يؤتي ثماره الا لملاكه الشرعيين. الى ذلك كان ثمة تسليم ضمني بان اقامة اليهود في الخارج وان طالت اجيالا، ليست في عين الشرع سوى منفى مؤقت، كانوا فيه مضطهدين او محترمين.
ثم يتابع اريتنفر رسم اللوحة قائلا: "اما التعبير عن الحنين المضطرم الى الوطن الضائع، كما البرهان الثابت على استمرار الضيق بالمنفى، فنقرأهما في الحركات الخلاصية"، اذ ان يقظة هذه الحركات ترافق وضع الاقلية ودينها في العصور الوسطى.
واما الاضطهاد الذي مورس على اليهود في اوروبا فكان ينظر اليه اليهود بوصفه الام ولادة الخلاص. فكل تغير في الوضع السياسي القائم كان يمكن ان يعني بداية النداء. لذا ايقظت الحروب الصليبية والغزو المغولي وفتح القسطنطينية املا مداره ارض "اسرائيل" ثم جاءت ضربة بالغة القسوة حلت باليهود، هي طرد اليهود من اسبانية عام 1492م، فاقتلعت اكبر الجاليات اليهودية في اوروبا من جذورها واوسعتها تحطيما، لكنها ادت الى نهضة روحية، فتركز العديد من اليهود في فلسطين اوحى بان مغزاه هو اقتراب الخلاص، لذا قامت محاولة لاعطاء وضع الامة الديني طابع القداسة بالعودة الى الرسم الكهنوتي في الارض المقدسة.
وخلال النصف الثاني من القرن السابع عشر جرى رد الامل بخلاص "اسرائيل" في العودة الى صهيون، فكانت استجابة اليهود الى ملك مخلص هو شبتاي زفي، استجابة عبرت عن قوة الامل في العودة الى بلاد "اسرائيل".
وفي القرن الثامن عشر هاجم اتباع التنوير الاديان، وظهرت نزعة الاندماج لدى اليهود، ولكن هؤلاء لم يكونوا الا اقلية في اوروبا الغربية والوسطى، ولم يكن لهم وجود في اوروبا الشرقية ولا في افريقيا الشمالية ولا في الشرق الاوسط، وبدا فشلها ظاهرا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حيث ظهرت الصيغة الجديدة لعودتهم الى ارض "اسرائيل" ـ الا وهي الصهيونية (1 ).
يشير هذا النص الصهيوني النموذجي الى الصراع بين حدين : فكرة الخلاص والعودة من جهة والتاريخ الواقعي من جهة اخرى. بل ويقوم التناقض بين ارادتين ارادة الفكرة العصية على الزوال وارادة التاريخ المنافية لهذه الفكرة.
وبظهور الصهيونية واحتلال فلسطين تنتصر الفكرة على التاريخ. وفي هذا كله لم يطرح الصهيوني على نفسه الاسئلة الصحيحة:
ترى لماذا كانت الصهيونية ظاهرة اوروبية؟ ولماذا ساعد الاستعمار الاوروبي الصهيونية على احتلال فلسطين؟ وفي عدم طرح هذين السؤالين انما يريد ان يبقي الصهيونية واسرائيل خارج التاريخ.
اجل لماذا تحول الغربي "اللاسامي" الى مناصر لليهودي "السامي"؟ ولماذا انتصرت الصهيونية في عصر الاستعمار ولم تنتصر قبل هذا التاريخ، اذا كانت فكرة الخلاص على هذا النحو من القدم؟.
الصهيونية كظاهرة اوروبية نشأت زمانيا مع المرحلة الامبريالية الاوروبية. واليهودي الاوروبي انما طمح لمكان له في التركة العثمانية. يقول لنا التاريخ ما يلي: منذ ان استقل محمد علي باشا بمصر، راوده طموح وراثة الدولة العثمانية، وبدت في الافق امكانية ولادة دولة جديدة في الشرق العربي وخاصة بعد ان وصلت جيوش ابراهيم باشا الى ابواب الاستانة.
الدولة العثمانية العاجزة عن وضع حد لطموحات محمد علي اهابت بالانكليز، الذين هم الآخرون وجدوا في حركة محمد علي عرقلة مخططهم في المشرق. فقضوا على طموحات حاكم مصر، وفي عام 1882م احتلوا مصر.
بعد الحرب العالمية الاولى وانهزام الدولة الطورانية، نكثت بريطانيا بوعودها للعرب واقتسمت المنطقة مع فرنسا، واصدرت وعد بلفور، وقد نصت المادة الثانية من صك الانتداب على فلسطين: ان من مسؤولية الحكومة المنتدبة خلق الشروط الادارية والاقتصادية التي تكفل انشاء "الوطن القومي اليهودي". وتحدثت المادة الرابعة من صك الانتداب عن حق الجمعية الصهيونية، والتي اصبحت الوكالة اليهودية، في الشورى ومعاونة الانكليز في ادارة شؤون البلاد. اما المادة السادسة فأوصت بتوفير سبل الهجرة اليهودية الى فلسطين وتمليكهم اراضي الدولة والاراضي البور. ثم اوصت المادة السابعة بحق اليهود في الحصول على الجنسية الفلسطينية.
في عام 1920م عين صموئيل مندوبا ساميا في فلسطين وعين اليهود في مراكز عليا بدوائر الجهاز الاستعماري، واعتبرت اللغة العبرية لغة رسمية في فلسطين، إلى جانب اللغة الانكليزية والعربية.
وكي يسهل على بريطانيا التصرف بفلسطين، لم تعين حكومة للبلاد. وبفضل بريطانيا ارتفع عدد المستعمرين اليهود إلى فلسطين من خمسين الفا عام 1918م إلى ستمائة وخمسين الفا عام 1947. وارتفعت ملكية اليهود من الاراضي 650 الف دونم عام 1918 إلى مليونين وسبعة وخمسين الف دونم من مساحة فلسطين البالغة سبعة عشر مليونا واربعة مائة وخمسة وثمانين الف دونم.
هذه الوقائع المعروفة، هل كان يمكن ان تتم لولا استعمار بريطانيا لفلسطين.
لقد ادركت بريطانيا بخبث شديد اهمية تحويل الحركة الصهيونية إلى وسيلة من وسائل سيطرتها على المنطقة. أي انها لم تقدم حلا لمشكلة يهودية آنذاك لان مشكلة كهذه لم تعد قائمة اصلا. بل حلا لمشكلاتها في المنطقة. في وقت فقد المستعمر ارادته في تحقيق طموحاته الوطنية. بل قل ان مصالح الغرب الامبريالي قد خلقت لليهود في فلسطين مشكلة دائمة مع السكان الاصليين للبلاد. لأنه على دراية كاملة بان خلق جسم غريب في منطقة ذات هوية عربية سيبقي بؤرة الصراع قائمة. وفي تكوين الغرب الامبريالي دولة لليهود في فلسطين قد حول العلاقة بين الغرب ويهود فلسطين على علاقة السيد بالعبد. الغرب هو السيد الذي لا فكاك للعبد من سيادته، فإسرائيل وجدت بفعل قرار خارجي وستظل موجودة ما دام هذا الخارج ضامنا لوجودها.
قد اوجد تاريخ اوروبا "اسرائيل" في وقت كان العرب فهي امة مستعمرة. وظلت "اسرائيل" مستعمرة، بإرادة اوروبية ـ امريكيةـ تقل او تكبر وظيفتها وفقا لشروط الهيمنة الاوروبية على المنطقة.
ان الصهيوني يعي على نحو ضمني وصريح أحيانا انه قد انتصر بفضل قرار خارجي وإرادة الغير، وانه مهاجر من الخارج احتل مكانا لسكان هم الشرعيون، وانه ما زال مرتبطا بارادة خارجية، وما زال عرضة لرفض شبه مطلق من قبل العرب والفلسطينيين، ولهذا كله فان هاجس الاستمرار بالبقاء في فلسطين ما زال مسيطرا عليه. هاجس كهذا هو الذي يبقيه عبدا في علاقته بالسيد الاوروبي ـ الاميركي.
بل ان هذا الواقع يجعله الوحيد في العالم الذي يطلب الامن من الاخر. بل ومن الاخر الذي يناصبه العداء. انها لمفارقة حقا، ان يطلب السارق للملك الامن من صاحب الملك.
وهذا ما يجعل الصهيوني يفكر بمصيره فقط، دون التفكير بمصير الاخر الذي حاول نفيه مرتين، مرة في مستوى الطرد ومرة في مستوى اللغة، وهذا ما دحضه التاريخ إلى الابد.
اغتراب اليهود في نفي الاخر
في البحث عن عصبية توحد بشرا متعددي القوميات والإقامة ويدينون باليهودية، خف الصهيوني لخلق وعي بالهوية خارج شروط تكونها الموضوعية.
ففكرة الوعد الالهي والخلاص والعودة لا تستقيم إلا بوصفها فكرة شعب واع لهويته. ولكن انى لليهودي ان يعي هويته انه شعب خارج مقومات الشعب؟.
كان لا بد للصهيوني ان يؤكد التمايز عن الاخر. وليس الاخر هو العربي بل هو جماع الانسانية. تمايز كهذا ليس موجودا في الواقع، اذا لا بد من البحث عنه في عالم آخر، انه عالم التوراة. في التوراة وحدها يجد الصهيوني جوابا على سؤال الهوية. ففي عصر نشوء الوعي القومي وتكون الامم، ابرز فلاسفة الامة عوامل تكونها: الأرض اللغة، التاريخ، المصالح الاقتصادية، الخ. وهذه العوامل الضرورية لا معنى لها الا بوجود جماعة مستقرة تحوز عليها، ولما لم يجد الصهيوني ما ينطبق على اليهود من هذه العوامل راح يبحث عن طريق آخر، فلم يجده إلا في التوراة.
التوراة اذا عامل توحيد بوصفه تاريخا خاصا ذا مصدر الهي مقدس، فقام بعملية وصل تعسفية بين كتاب قديم وحاضر مختلف.
ففي غياب الارض الواقعية ـ حيث توزع اليهود على اصقاع مختلفة، خلق الارض الوهمية ـ الاسطورية. ارض يحن اليها، انه يقر، أي الصهيوني بغرابة هذه الصلة، لكنه يحول هذه الغرابة إلى امتياز. يقول شمعون بيرس: "الصلات بين الشعب اليهودي وارض "اسرائيل" واحدة من اغرب الظواهر في تاريخه الطويل. فالتوراة هي الوطن الام للشعب اليهودي" (2.)
فالانفصال الواقعي بين الارض والتاريخ يزول عبر الترابط بين الارض والتوراة. في هذه النقطة لا يختلف الصهيوني العلماني عن الصهيوني المتدين.
الارض الموجودة في التوراة توحد اليهود من اجل العمل للعودة اليها، لان "ليس لليهودي في ارض الشتات وجود حقيقي "(3) وفي العودة تتحقق وحدة التاريخ والجغرافيا، ولكن الارض الموعودة مسكونة باصحابها، بآخر لم يرتكب يوما بحق اليهود أي نوع من الاضطهاد على غرار الغربي، ولا مشكلة هنا، لان التوراة قالت كلمتها النهائية بهذا الصدد. لم يكن الامر يحتاج إلا إلى جملة "الاخر غير موجود". الموجود صار غير موجود. أي ان وجوده الواقعي ليس حقيقيا، انه مجرد وجود عابر لا يحوز على اعتراف التوراة، او ان ارض فلسطين خالية حتى من وجود الفلسطيني. حتى في الوقت الذي بدأ فيه الفلسطيني يكافح، ظل نفي الفلسطيني قائما. ففي عام 1969م قالت غولدا مئير: "لم يكن هناك شيء اسمه فلسطينيون، متى كان هناك شعب فلسطيني مستقل في دولة فلسطينية.. ليست القصة هي انه كان في فلسطين شعب فلسطيني، يعتبر نفسه شعبا فلسطينيا، ونحن اتينا ورمينا هؤلاء الفلسطينيين خارجا واخذنا بلدهم منهم، فانه لم يكن لهم وجود. وفي الواقع، ليست هناك اية هيئة تمثل وتتحدث بلسان ما يسمى الفلسطينيين" (4.)
"فانه لم يكن لهم وجود". نفي مطلق، لكنه نفي لن يستمر طويلا. لا لشيء الا لن التاريخ الواقعي اصدق من التوراة ومن الجمل الفارغة.
ويستفيق الصهيوني اخيرا على وجود الفلسطيني، ويعترف ان ظلما قد لحق بالفلسطينيين. ولكنه في لحظة وعي مأزوم لا يقوده اعترافه إلى الاعتراف بالحق الذي يملكه. فصار لديه وجود الاخر مسلوبا الحق بالوجود. أي ان وجود الفلسطيني وجود بذاته وليس لذاته. الوجود بذاته لا يحق له ان تكون ارادة تعين وجوده. بل هو الذات ـ أي الصهيوني ـ هو الذي يقرر صورة وجود الفلسطيني.
انه لنفي في صورة اخرى. فالفلسطيني لا يرى معنى لوجوده خارج فكرتي العودة والدولة. في العودة تصحيح لمجرى التاريخ، وفي الدولة امتلاك لحقوق المواطنة. يعلن الصهيوني قائلا: "ولكن ما حصل قد حصل، ليس بوسعنا تغيير الماضي، ولكن حين تغدو الاوضاع موائمة، وتكون الآمال المعلقة كبيرة، فان علينا نسيان الماضي لاجل الحاضر" (5)، هكذا يكتب بيرس في الشرق الاوسط الجديد وليس نسيان الماضي عند بيرس، إلا نسيان ما جرى، ومصادرة حق العودة، لم ينس ابدا ان الفلسطيني قد شرد، وهي لحظة وعي بوجود الاخر. ولكن "وان ما جرى القبول بها ـ أي بالعودة ـ فسوف تمحي الطابع القومي لدولة "اسرائيل" وتحيل الاغلبية إلى أقلية وبالنتيجة لا مجال للقبول بهذا المطلب لا الآن ولا في المستقبل" (6.)
اذا ما يقرر حق الشعب الفلسطيني هو الطابع القومي للدولة "اليهودية" لا الشعب ذاته. وقس على ذلك فكرة الدولة الفلسطينية، التي يخشى الصهيوني عاقبتها. اذا ما الآخر ـ الفلسطيني، بمعزل عن حق العودة وتقرير المصير بدولة يحوز فيها على حق المواطنة؟
بل ويبرز فقدان الاخر حقه حتى داخل الدولة التي تعطيه جنسيتها. فالفلسطيني لا يملك فيها حقوقا ثلاثة: حق الاقامة وحق العمل وحق المساواة (7.)
لا شك في ان وعيا جديدا بحق الاخر يشق طريقه داخل المجتمع اليهودي، لكنه وعي اقلية، فما زالت النزعة العنصرية العرقية ـ القومية هي النزعة الاكثر حضورا في مجتمع مغلق على ذاته ـ انه الغيتو الجديد.
ومرت اخرى نسأل: كيف تاتي لليهودي الذي عانى من التمايز العرقي في لحظة من لحظات تطور اوروبا القومي، ان يغدو عنصريا ـ عرقيا؟ مرة اخرى الجواب في البحث عن عصبية تسعى لتوحيد ما هو قابل غير للتوحيد. فكما كانت الارض الموعودة ، عامل تجاوز غياب الارض فان العرق الواحد تجاوز للاثنيات المختلفة التي ينتمي اليها اليهود. فاليهودي واقعا هو سلافي والماني وكردي وحبشي الخ. الذي لا يجد بدا من العودة إلى التوارة، والى اسطورة السلالة ليقد هوية هي قائمة في الكتاب "وطن اليهود الاصلي". يقول اد المؤدلجين الصهاينة وهو غافني: "عنصر شعب "اسرائيل" هو افخر العناصر لانه تكون عن طريق انتقاء الافضل في كل جيل، فآدم الاول خلقه الرب بنفسه كان كاملا في غاية الكمال، وقد كان لادم اولاد كثيرون، وكان احسنهم شات، وقد وقع عليه الخيار كي يستمر عنصر آدم الاول ويتكون منه شعب "اسرائيل". وكان لشات اولاد كثيرون احسنهم انوش الذي اختير ليستمر العنصر.. وكان لنوح ثلاثة ابناء واحسنهم سام، وكان احسن ابناء سام ارفكشاد واحسن ابناء ارفكشاد كان سليح، وهكذا دواليك. وكان لابراهيم ابنان وهما اسحق واسماعيل، وقد وقع الخيار على اسحق، وابناء اسحق هم يعقوب وعيسو، وكان يعقوب هو الافضل، وقد اختير ليواصل العنصر. وكان ابناء يعقوب كلهم اخيار، ولم يكن من داع لانتخاب واحد منهم" (8.)
هكذا تكون العرق الافضل من بين جميع العروق، ولم يعد هناك حاجة بعد يعقوب لتكوين الافضل، فكل اليهودـ احفاد يعقوب ـ جميعهم اخيار. وهذا العرق الأفضل باختيار الهي، عصي على الاندماج، بل وقاوم دعوة الاندماج حتى تلك التي ظهرت بين اليهود. لقد استمر العرق رغما عن التاريخ.
من الصعب على من يعتقد بأنه من الاصل السلالي الأفضل وانه ينتمي إلى عرق حددته الارادة الالهية، وانه جزء من جوهر لا يتغير، ولا يبلى، الا ان يناصب الا خر الكره. يظهر هذا الكره في علاقة المستوطن وأتباع غوش ايمونيم بالفلسطيني، وهو موجود في كتاب نتنياهو مكان تحت الشمس، كما يتعين في السياسة التي انتهجتها الحكومات "الاسرائيلية" المتعاقبة.
لا شك في ان تعريف اليهودي وفق السياسة الرسمية ذاتها يدحض هذا الادعاء الايديولوجي اللاتاريخي لفكرة العرق المتسلسل من آدم وفق القانون "الاسرائيلي" ـ كما يقول شاحاك ـ يعتبر الشخص يهوديا: اذا كانت امه يهودية او جدته لامه او جدة امه يهودية الديانة، او اذا تحول الشخص إلى اليهودية باسلوب ترى عنه السلطات "الاسرائيلية"، وبشرط ان لا يكون هذا الشخص قد تحول عن اليهودية إلى اية ديانة اخرى، لان السلطات اليهودية لا تعود تعتبره يهوديا في هذه الحالة" (9) اذا اين هو العرق الصافي والمختار.
ولكن الانسان يصبح ذا امتياز افضل اذا ما اعتنق اليهودية. لهذا ـ يعلق اسرائيل شاحاك قائلا: "ان افراد قبيلة في بيرو، اذا تحولوا إلى اليهودية، اصبحوا يعتبرون يهودا، وصاروا مواطنين "اسرائيليين" ولهم الحق في الانتفاع بحوالي 70% من اراضي الضفة الغربية وحوالي 92% من ارض "اسرائيل"، المخصصة رسميا لمصلحة اليهود فقط"(10.)
أي مجرد ان يصبح الفرد يهوديا، فان له الحق بمصادرة حق الآخر بأرضه ومياه وبيته.
نزعة عنصرية تقوم على الدين ما زالت تصرخ بثنائية السامي واللاسامي.
الثنائية الزائفة ـ السامي واللاسامي واعادة انتاجها
منذ ان ظهرت نزعة الكره لليهود في اوروبا، والتي اطلق عليها مصطلح اللاسامية، والصهيوني يرى في كل معارضة للسياسة العنصرية نزعة لا سامية. وحين يقف العربي في وجه الصهيونية ويقيم تمايزا بين اليهودية والصهيونية، يعلن الصهيوني كـ "نتنياهو" ان الهجوم على الصهيونية نزعة لا سامية جديدة. انطلاقا من فكرة زائفة مفادها ان كل يهودي هو صهيوني بالضرورة. ولما كان لك صهيوني هو يهودي سامي، فان العربي هو صورة اخرى عن الاوروبي اللاسامي اذ يعاند الصهيونية.
والقول بان النزعة اللاسامية هي نزعة تمتد من القرن السادس قبل الميلاد وحتى اللحظة الراهنة، فكرة ايديولوجية صرفة انما المراد منها ان تظل فكرة العداء للاخر قائمة طالما ا الاخر لن يكف عن ان يكون لا ساميا. هذا الفكرة الايديولوجية، التي يدحضها التاريخ، تجعل الصهيوني متحفزا دائما لمواجهة خطر مزعوم عصي على الفهم. وهو خطر اللاسامية.
اهو من قبيل المعتقد الديني العصي على الزوال؟
فعلى مر التاريخ شهد العالم صراعات اثنية ودينية وقومية وايديولوجية وطبقية وصراعات بين دول وحروب الخ، ولكن ما من احد من المؤرخين او العلماء الاجتماعيين فسروا هذا الصراع على انه يقوم على كره مسبق. فالعداء بين الامم والشعوب لاحق للصراعات وغالبا ما يزول بزوالها. والصراعات مجرد ان تفهم في حقل التاريخ الواقعي تنحي التصورات الميتافيزيقية جانبا.
لكن الصهيوني مصر على تفسير التاريخ بفكرة خارج التاريخ إلا وهي العداء للسامية.
ان العربي بعامة عدو للصهيونية بلا شك، لكنه لم يحمل في يوم من الايام عداء قبليا لليهود. وهو اذ يقيم تمايزا بين الصهيوني واليهودي فله اسبابه الثقافية والتاريخية والواقعية. في المستوى الثقافي الديني، فان اليهودية في نظر العربي المسلم دين سماوي شانها شان المسيحية والإسلام. واغلب ملوك اليهود هم في الثقافة العربية الاسلامية انبياء. واليهود فضلا عن ذلك من اهل الكتاب، ولهذا ترى اسماء ملوك اليهود اسماء منتشرة عند العرب كموسى واسحق ويعقوب وداوود وسليمان الخ. واستمرار العرب بتسمية اولادهم بأسماء ملوك اليهود حتى الآن أي بالرغم من ظهور الصهيونية واحتلالها فلسطين هو دليل على غياب النزعة العدائية لليهودية.
على المستوى الواقعي ـ التاريخي الحديث والمعاصرـ ناهيك عن القديم ـ هاجر مائة الف من يهود اوروبا إلى الدولة العثمانية بما في ذلك الولايات المتحدة. وكان نظام الملة حاميا لليهود وغيرهم من الملل. ولقد كان يهود العراق مستقلين في شؤونهم الدينية وإدارة مؤسساتهم الخيرية وطبق عليهم بعد عام 1932م نظام الخدمة الالزامية اسوة بالعراقيين كافة، وظل اليهود في سوريا يحتلون مراكز هامة في التجارة والحرفة قبل ان يقعوا فريسة الدعاية الصهيونية. وكان منهم نائب في البرلمان عام 1936 ـ 1947م، وقد استنكر قرار تقسيم فلسطين وقام يهود دمشق وحلب خلال حرب 1948 بجمع التبرعات للشعب الفلسطيني. وكذا الامر في لبنان الذي عاش فيها عام 1924م 6261 يهوديا وكان المجلس المحلي في بيروت يتولى ادارة شؤون الطائفة اليهودية. فكان منهم التجار والصيارفة والحرفيون والموظفون..الخ، وسكن مصر عام 1947م 70000 يهودي معظمهم في مدينتي القاهرة والاسكندرية وعاشوا متساوين في الحقوق والواجبات، ولم يعرف في تاريخ مصر ان قامت أي حوادث طائفية.
وكان يعيش في اليمن في مطلع القرن العشرين 30 الفا وبلغ عددهم عام 48 ما بين 45ـ 50 الفا، وقد تمتعوا بقدر من الاستقلال في ادارة شؤون حياتهم وعباداتهم، وعاشوا في المدن اليمنية واقام بعضهم بين القبائل ولم يتميزوا ابدا اطلاقا في عاداتهم وتقاليدهم وزيهم عن اهل البلاد. وبرعوا في اطار الحرفة كالصياغة والتطريز والزخرفة وصناعة الاسلحة وسك العملة.. الخ، وظلوا بمنأى عن الصراع بين الائمة الزيدية والدولة العثمانية. وعاش يهود ليبيا، الذين قدر عددهم 1938م بـ 30 الفا بيسر نسبي وكانت نسبة التعليم عندهم عالية. اما في تونس التي بلغ عدد اليهود فيها عام 1946 مائة وخمسة آلاف فقد شهد اليهود فيها ازدهارا كبيرا ـ وتضامنوا مع حركة الدستور الجديد من اجل الاستقلال، واستلموا بعد الاستقلال مناصب مهمة ومنحوا حق الانتخاب والترشيح في المجلس التأسيسي والمجالس البلدية. ولم يكن وضع اليهود في المغرب باقل جودة منه في تونس، وقد بلغ عددهم عام 1947م حوالي 233 الف تقريبا. معظمهم سكان مدن وثلثهم في الدار البيضاء. وقد تمتع اليهود في كل العصور بحياة متسامحة وبعدالة ومساواة بوصفهم مواطنين، وبعد الاستقلال كان منهم الوزراء والموظفون والنواب وانشأوا عام 1956م رابطة الرفاق.
لماذا عاش عشرات الآلاف من اليهود في المنطقة العربية دون ان تمارس ضدهم اية انتهاكات لسبب بسيط، كان المجتمع ينظر اليهم اولا كمواطنين وثانيا كأصحاب كتاب أي كأقلية دينية لها حقوقها.
وفي الوقت الذي كان اليهود العرب يعيشون مطمئنين متساوين في بلدانهم العربية كان اليهود في اوروبا، يعانون الاضطهاد الطائفي مسجونين في الغيتو، فالغيتو والنزعة اللاسامية ظاهرتان اوروبيتان لم يشهد الوطن العربي لهما مثيلا، ولقد جلبت الحركة الصهيونية الويل لهؤلاء اليهود فاقتلعتهم من اوطانهم وبيوتهم وتجارتهم وحرفهم، لتزويدها بقوة العمل والعدد المطلوب لإنشاء الدولة العنصرية، اما الصهيونية فهي ظاهرة اوروبية، كما قلنا، لن تنشأ في الوطن العربي. انها ايديولوجيا وليست دينا ايديولوجيا وظفت المقدس الديني لتحقيق مآربها العنصرية والاستيلاء على فلسطين، فكيف لنا الا نميز بين اليهودي والصهيوني، انى للعربي الذي لم يعش تناقضا طائفيا مع اليهود ان يساوي بين معتنق اليهودية ومعتنق الصهيونية.
ولان العربي ينطلق من حقيقة واقعة الا وهي حقيقة اختلاف اليهودي عن الصهيوني. ففي عالم الثقافة العربية الراهنة يحتل اسبينوزا وآنشتين ومكسيم رودنسون ونعوم تشومسكي وغيرهم وغيرهم مكانة مرموقة. والعربي لا يضفي على الصهيونية شيئا من عنده اطلاقا، لا على المستوى الايديولوجي ولا على مستوى الممارسة. فنقاوة العرق، وشعب الله المختار، وفرادة التاريخ والعودة والخلاص انما هي مفاهيم الايديولوجية الصهيونية المتعينة بعشرات الخطابات الزائفة واستعمار الارض واحتلال فلسطين وارتكاب المجازر وطرد السكان الاصليين والممارسات الهمجية اللاانسانية، كلها وقائع فذة قل نظيرها في عالمنا الراهن. هل يريد الصهيوني منا ان نحب الصهيونية وان لا نرى ولا يرى العالم فيها حركة عنصرية. هل يريد نتنياهو من 5.5 ملايين لأجئ ومليونين تحت الاحتلال ان يعلنوا ان الصهيونية حركة تحرر قومي؟
هل يريد الصهيوني ان ينظر العربي إلى "اسرائيل" التي قامت على حساب احتلال الارض من مصر وسوريا والاردن ولبنان على انها دولة ذات ايديولوجية انسانية؟ هل يريد الصهيوني ان يقنع العربي الذي عاش في فلسطين دون انقطاع منذ فتح فلسطين في القرن السابع وحتى القرن العشرين ان لا حق له في هذا الوطن، هذا ناهيك عن ان اجدادنا الكنعانيين قد سكنوا فلسطين قبل ان يطأها العبرانيون؟.
اجل نحن لم نخترع عنصرية الصهيونية اختراعا انما العنصرية لسان حالها: انها الصورة الاخرى للنازية، لا باس هنا نجري المقارنة التالي بين الخطابين الصهيوني والنازي.
يقول هتلر: "نحن الاشتراكيين القوميين محافظون على القيم الآرية على هذه الارض ومن هنا ندرك لماذا يقع على عاتقنا عبء كبير" اما هعام فيقول: "ان الامة اليهودية التي اختارها الله والمنتشرة في اصقاع العالم تملك رسالة خاصة".
يقول هتلر: "اننا نقود الصراع من اجل وجود عرقنا وشعبنا وانتشاره، نقود الصراع كي يتمكن شعبنا ـ وبشكل عملي ـ من ان يحقق تلك الرسالة التي حملها اياه خالق الكون".
اما ناحوم ساكلو فيقول: "يعتبر اليهود ـ دون شك ـ اكثر العروق سموا وعظمة من جميع الامم الحضارية في العالم".
ويؤكد ماسك ما يلي: "ان اليهود يملكون همة عالية، وخصائص عظيمة اكثر من الاوروبي المتوسط، ودون ان نذكر اولئك الاسيويين او الافارقة الخاملين..".
اما هتلر فيقول: "لست على ثقة من ان هذه التي تسمى قوميات مضطهدة "الهند ومصر" والمندرجة تحت العروق السفلى، قادرة على ان تقهر انكلترا، ولا اريد لشعبي ان يوحد مصيره مع مصائر هذه القوميات".
يقول بن غوريون: "لقد قلدنا التاريخ صفات نادرة ـ اخلاقية وعلمية وهذا هو الذي يعطينا الحق بان نكون شمعة وسط القوميات الاخرى".
اما هتلر فيقول: "الآري هو بروميث الانسانية التي منح راسه العبقري من قبل الاله، ولهذا له الحق ان يشعل النار الاولى للعقل الانساني".
واعلن رافين غافير غاسير في مؤتمر للصهيونيين قائلا: "ان طموحاتنا ومثلنا تختلف عن طموحات ومثل العالم كله، ولهذا فنحن مختلفون عن الآخرين واقول بحماس نحن فوق جميع العالم ولا يمكن لواحدة منها ان تقارن بنا".
يصرح الصهيوني قائلا: " الشعب اليهودي شعب سام وظاهرة تاريخية فريدة.. الخير صفة الانسان الاعلى القومية الاعلى والتي تملك القوة من اجل اغناء حياتها التي تملك الارادة في ان تصبح سيدة الكون ودون ان تحسب حسابا كم سيكلف هذا غاليا وجماهير الموجودات السفلى، الشعوب السفلى دون ان تحسب حساب الكوارث التي سيتعرضون لها من جراء ذلك.
ويردد النازي هتلر هذا الصراخ حين يقول: "في ما يتعلق بالشعب الالماني فيجب القول: ان المانيا لا يمكن ان تحقق اهدافها الا بوصفها دولة عظيمة عالية، يجب ان نمضي قدما إلى الامام في الحق في اكتساب ارض جديدة ليس حقا فقط بل هو واجب، فبدون ارض جديدة يحكم على الشعب العظيم بالموت، لاسيما عندما يتعلق الامر بالشعب الالماني العظيم لا "بالشعب الزنجي"".
ويقول جابوتنسكي: "فلسطين يجب ان تكون لليهود، واستخدام الوسائل الضرورية لاقامة دولة يهودية عنصر مهم ولازم في سياستنا، يعي العرب الان ما سنصنع بهم وماذا نطلب منهم يجب ان نخلق امرا واقعا. يجب ان يفهم العرب ان عليهم ان يغادروا ارضنا وينزحوا إلى الصحراء". ويعيد مناحيم بيغن ما علمه اياه استاذه فيقول: "اذا ما اتجهنا نحو الشمال نجد الارض الخصبة لسوريا ولبنان. والى الشرق منها تنبسط اودية الفرات ودجلة ونفط العراق وفي الغرب بلد المصريين، ولن تكون لنا امكانية لنتطور دون ان نحل مشكلاتنا الاقليمية من منطلق القوة لنجبر العرب على الخضوع".
وعلى الوتر نفسه يعزف هتلر: "طبعا لا احد يعطينا بارادته اذا فنحن على حق في استخدام القوة من اجل الحفاظ على قوميتنا مهما كانت النتائج ـ يجب ان نستخدم القوة للحصول على ما لا يمكن الحصول عليه إلا بها".
هذا هو الخطاب الصهيوني بشحمه ولحمه، فما وجه الغرابة في النظر إلى الصهيونية بوصفها حركة عنصرية، وبالتالي ليس النظر إلى الصهيونية كحركة عنصرية اتهاما كاذبا او نكتة تافهة كما يرى نتنياهو او نزعة لا سامية، والحق ان اللاسامية الان هي واحدة من الاكثر الاكاذيب وقاحة، يقول الصهيوني العنصري بعد خمسين سنة: يبدو التشهير بوصف الصهيونية بالعنصرية هو نفس التشهير الذي اشاعته النازية ونفس تلك اللاسامية، ولكن برداء جديد، ان اللاسامية لم تختف من العالم بعد كارثة بل اصبحت اكثر حذرا في استخدام المصطلحات القديمة التي تثير الارتباك اليوم.. وبما انه لا توجد في ايامنا هذه اسوأ من كلمة عنصري تستخدم هذه الكلمة بدلا من كلمات الاساءة القديمة مثل قتلة المسيح المرابي المتآمر الدولي".
ان التاريخ المفترى عليه في الايديولوجية الصهيونية، لقادر على تحرير نفسه، فمنطقه الذاتي اقوى من اشكال سجنه الايديولوجية، اذ للوقائع في النهاية لغتها. ان باستطاعة الايديولوجيا ان تحرف التاريخ مرة، لكن انتقام التاريخ لذاته لا محال واقع.
الهوامش
1ـ شموئيل ايتنفر: "الشعب اليهودي وارض "اسرائيل"" من كتاب من الفكر
الصهيوني المعاصر، بيروت 1968، ص 41ـ49.
2ـ انظر شمعون بيرس : يوم قريب ويوم بعيد، من كتاب الفكر الصهيوني
المعاصر، ص 137.
3ـ انظر الفكرة الصهيونية والنصوص الاساسية، بيروت 1970، ص303.
4ـ "اسرائيليون" يتكلمون، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت 1977.
5ـ شمعون بيرس، الشرق الاوسط الجديد، ص 11.
6ـ شمعون بيرس، المرجع السابق، ص 156.
7ـ انظر اسرائيل شاحاك: التاريخ اليهودي، الديانة اليهودية، وطأة ثلاث
آلاف سنة، دار بيسان، بيروت 1995، ص14ـ15.
8ـ انظر، احمد برقاوي: اسرى الوهم، دمشق 1996م.
9ـ اسرائيل شاحاك: المرجع السابق، ص 13-14.
10ـ اسرائيل شاحاك: المرجع السابق، ص 12.