هي الدولة...وليست الحكومات المتغيرة...والهيئات المنتخبة الممثلة مثل مجلس النواب وغيره...وكلها وقتية...تشرف مرحليا على اجهزة الدولة وترحل... هي الدولة لأن الموظف طيلة حياته المهنية...ومهما كان قطاعه (الإدارة بمختلف فروعها...والتعليم...والصحة...والفلاحة...والادارات الجهوية والمحلية...والأمن والجيش والحماية المدنية والقضاء....الخ..)...هو الذي يؤمن يوميا وظائف الدولة دون سواه من غير الموظفين...لفائدة المواطنين ومصالحهم…
هي الدولة لأنه....بدون موظفين...تصورو المشهد. مجتمع بدائي محكوم بمن يتحكم بالقوة المادية...وجرائم يومية مختلفة ضد المواطنين العزل ...فلا خدمات للمواطنين ...ولا أمن...ولا تعليم...ولا صحة دنيا وضمان اجتماعي..ولا سهر على توفير المواد الأساسية للمواطنين...الخ... بما يعني حوت ياكل حوت وقليل الجهد يموت...كما في البوادي الوحشية…
*
الكثير لا يعي بأهمية هذه المسألة الحياتية للمواطنين...لأننا نحن التونسيون أصبحت عندنا من تحصيل الحاصل...وتعودنا عليها... ولكن لما نلقي نظرة على ما تعانيه شعوب أخرى...يمكن لنا ان نراجع أمورنا...وأقرب مثال هو ليبيا اليوم…
تونسنا لها دولة بموظفيها...وقد ثبت ذلك في أحداث الثورة... فلما هرع الكثير من السياسيين الحاكمين للمخابىء...بقيت الدولة....لان الموظفين العموميين كانو موجودين في عملهم...وهم الذين امنو استمرارية الدولة... وليس السياسيين كما يكذب عليكم الكثير منهم اليوم...بدعوى أنهم هم القائمون على استمرارية الدولة...وهم يعرفون انهم لا يقصدون الدولة...وإنما قرارات سياسية لمن سبقوهم في الوظائف السياسية...وهذه يمكن الرجوع فيها لما يثبت أنه شابها فساد ومخالفة للقوانين...وهو ما رفضه مثلا السبسي بعد الثورة لما كان رئيس حكومة... فيما يتعلق بما شاب قرارات بن علي من فساد...أدت الى تفاقم المديونية والقروض الكريهة...فرفض التدقيق فيها بدعوى استمرارية الدولة...وهو رجل قانون لا يمكنه أن يجهل هذا..الخ
احتقار الوظيفة العمومية....هو احتقار للدولة…
إن كان ذلك بالإعتداء على حقوق منظوريها المادية والمعنوية…وبعدم الاهتمام بمقدرتهم الشرائية التي خسرو منها حولي 40 في المائة منذ الثورة… وهو تخل عن الدفاع عن الدولة…واعتداء عليها….لأنه اعتداء على منظوريها…لما يكون القرار في يد من يشرف عليها مرحليا من السياسيين … حسن أداء موظفي الدولة الذين هم من فصيلة البشر…لمهامهم…ولهم حاجيات أساسية يومية…يجب أن تتوفر لهم…حتى يتمكنو من آداء وظائفهم….
لأنه ضد ومن جهة أخرى…فهو تشجيع ضمني على انتشار الفساد في صلبهم …لأن كل محتاج يمكن ان يسقط فيه…لتوفير حاجياته المحروم منها رغم توفره على وظيفة لا تؤمن له سوى جزء من مستلزماته الحياتية… ففي كل بلدان العالم…وهذا ليس خاص بنا…فكلما قل أجر الموظفين ارتفع منسوب الفساد في الإدارة وبالتالي في المجتمع…طالما ان الموظفين هم الدولة في كل بلاد العالم…
وهذه قاعدة عامة لا يمكن ان يجهلها الشاهد الذي يدعي محاربة الفساد…(وان كان يجهلها فهو جاهل ولا يمكن له ان يترأس حكومة)…
ولما يكون احتقار الوظيفة العمومية والاعتداء على حقوق منظوريها المادية والمعنوية بتعليمات من الخارج…ففي المنطق السياسي هو عمالة وخيانة وطنية…واعتداء على سيادة تونس…دولة وشعب…
أما بالمنطق القضائي…فهناك فصول بالمجلة الجنائية متعلقة بأمن الدولة…يمكن تفسيرها على أن ما يصدر عن الحكومة ضد الدولة…يمكن ان يدخل في خانتها…لأن الفصول الجنائية في دولة لها دستور ديمقراطي تنطبق على كل المواطنيين مهما كانو …ومهما كانت وظيفتهم..ولو علت…
وأعضاء الحكومة في الدستور التونسي لا يتمتعون بالحصانة..