(تفاعلات بها بعض انفعال من وحي بعض الأحداث)
ستصبح عندنا دولة ( وأقول جيّدا 'دولة' ) تقاوم الفساد ، مثلا،
- عندما لا يضطر رئيس الجمهورية مصحوبا بالحرس الرئاسي الى زيارة تاجر مواد بناء أو مواد غذائية ولا يقوم بذلك بدله حتى والي الجهة أو معتمدها بل موظف وزارة التجارة في اطار عمله العادي مصحوبا بمصالح الأمن المختصة.
- عندما لا يضطر رئيس الجمهورية في اجتماع وزاري لتوزيع اعانات على الفقراء الى الحديث عن نوايا و مخططات اغتياله بل عندما يقوم الأمن قبل ذلك بالقبض على من خطط للاغتيال وتسليمه للعدالة.
-عندما لا نسمع بتطبيق اجراء الاقامة الجبرية على شخص عبر شبكة فايسبوك ودون أية وثيقة رسمية ودون تحديد مجال حركته وزمن تطبيق تلك الاقامة و ضمانات حياته و كرامته وسمعته بل يتم ذلك في احترام تام لكل الشروط القانونية التي توازن بين حماية الحق الفردي للموضوع تحت الاقامة الجبرية وبين حماية الدولة و المجتمع.
ستصبح عندنا دولة عندما نقاوم منظومة الفساد الموازي المضادّة بمنظومة دولة متكاملة تكافح ضد المنظومة الأولى وهي منظمة ومهيكلة متسلحة بالقانون وبوسائل انفاذه المختصة ومحافظة على حقوق البشر الفردية و الجماعية حتى لا تبقى مقاومة الفساد عملا فرديا لأي طرف في السلطة ولو كان رئيسها لأنه لا يمكن له -بوصفه فردا- أن يمارس مقاومة نسقية وسيضطر حتما الى القيام بأعمال انتقائية ، وحتى لا تتدحرج الأمور الى الأقصى المقابل في شكل من 'العدالة الجماهيرية' التي قد تبدأ عبر تعميم 'الوشاية الجماعية' و تنتهي بخطر'المحاكم الشعبية'.
في انتظار ذلك لا بدّ من الحذر من أمرين:
أ- تبخيس أو رفض كل ما يقع بحجة كونه غير ممأسس وغير منظم بما فيه الكفاية فنخدم وقتها ،ولو عن حسن نية، مصالح المافيات و
-ب- قبول كل ما يحدث بحجة كونه لا توجد خيارات أخرى حتى لو ارتكبت فيه أخطاء و تجاوزات.
ملاحظة: جماعة " المعركة ضد الفساد معركة اصلاحية تخفي المعركة ضد التبعية و الرأسمالية " أعفوني لأنني -أكثر منكم- أعتبر الفساد تقريبا ميلا أنتروبولوجيا عند الانسان اصلا- لأنني لست من أنصار نظرية الطيبة الأصلية ولا الخطيئة الاصلية- وليس فقط صنوا للرأسمالية مثلا…وأنا فعلا اصلاحي …على طريقتي.
يا تونس، حماك حماة الحمى من فيروس الفساد ومنظومته السياسية و من الحمّى التي تسبّبها مقاومته عند بعض أهلك الطيبين في النخبة (سلطة ومعارضة) وعند عموم المواطنين، وأرجو أن يجمع الحسّ المعادي للفساد بالعقل السياسي اللازم لأنك تبدين لي 'على كفوف عفاريت' داخلية وخارجية كثيرة اليوم وأكثر من أي وقت مضى.