ماذا بقي لنا ان نقول بعد ان اصبحت المسالة القضائية ومعالجتها على ما نرى من الارتجال المؤدي لا محالة الى الفوضى!؟ هل يمكن ان نجد مثيلا في هذه الدنيا لهذه الظروف التي يمر بها القضاء التونسي ولأوضاع الاستضعاف والازدراء والاستهانة التي يدفع اليها رئيس الجمهورية ويحرض عليها!؟
لكن في حقيقتها هل هي حرب على القضاة ام استهداف لما تبقى من سلطات الدولة ومؤسساتها!؟ بالتأكيد لم يكن ضروريا لإخراج ذلك القرار المتعلق بحل المجلس الاعلى للقضاء ان يتم اعلانه ليلا بمقر وزارة الداخلية (ولهذا رمزية قوية!)وان يتشنج الرئيس(او يتحمس) ليدعو التونسيين الى التظاهر تحت حراسة امنية والمطالبة بحل ذلك المجلس(من حقكم التظاهر ومن حقنا ومن حقكم… حل المجلس الاعلى للقضاء) !
كما كان من الطبيعي ان يسبق التظاهر قرار حل المجلس وان تكون استجابة «الزعيم » لمطالب الجماهير نتيجة لذلك!
ومن الغريب ان يروي لنا بنفسه: « جئت في هذه الساعة (ليلة 6 فيفري) وكنت قد اتخذت القرار، ولكن كنت اود ان اجتمع بهم في وقت لاحق (المقصود في الاغلب رئيس المجلس ورؤساء المجالس القطاعية) لأنبههم مرة اخرى، ولكن ما حصل في الايام الاخيرة اضطرني الى اتخاذ هذا القرار ».
ومهما كانت الاسباب التي حالت دون الاجتماع بهم او دفعته الى التعجيل باتخاذ القرار، فمن الواضح ان « وضع قانون او مرسوم مؤقت للمجلس الاعلى للقضاء » كان من جملة مخططه لوضع يده على كافة سلطات الدولة.
وربما يبدو ذلك مختلفا عن تكليفه السابق لوزيرة العدل بإعداد مشروع يتعلق بالمجلس الاعلى للقضاء اثناء انعقاد مجلس الوزراء بتاريخ 28 اكتوبر 2021،وهو ما يدعو الى التساؤل عن مدى التدخل الذي يروم ارساءه من خلال تبديل هيئة المجلس ونظامه وتركيبته...!؟
لكن ما يدعو الى الحيرة هو الموقف المتشدد لقيس سعيد حيال اعضاء المجلس الحالي وتهديده الصريح لهم فيما يشبه الانتقام، فهو اضافة الى عزلهم في خطاب مسجل بوزارة الداخلية (فليعتبر هذا المجلس نفسه في عداد الماضي منذ هذه اللحظة!)ووضع حد في وقت سابق للمنح والامتيازات المخولة لهم نراه الان يهددهم بصواريخه( نبهتهم وحذرتهم وقلت لهم ان صواريخنا على منصات اطلاقها، تكفي اشارة واحدة منا حتى تصيب هؤلاء في اعماق اعماقهم!)ويعتبر « ان مكانهم ليس المكان الذي يجلسون فيه، ولكن المكان الذي يقف فيه المتهمون! ». فهل يمكن للقضاء وللقضاة ان يتوقعوا في قادم الايام اكثر من هذا!؟