كثيرا ما أحسد الطيور لأنها تطير … بلا حدود … من غير قيود … لا تعرف مثلنا الكره و لا الحقد و لا تحتاج للديمقراطية لتعيش و لا تساند أنظمة حاكمة يمكن أن ترحل أو تسقط لتخلف لك صفة الفلول و الأزلام تلازمك و تجعلك كالحمار القصير يعتدي عليك كل من هبّ و دبّ من أشباه المناضلين و تجار الضمير و بقايا السفارات و دكاكين المخابرات ،
الطيور لا تحتاج لتعيش هانئة البال إلى دستور يتكلف الملايين سريعا ما تظهر عيوبه مع كل اختبار كما تظهر عيوب كل هذه الطرقات مع كل زخات مطر و لا تحتاج إلى انتخابات مكلفة لتختار من يقودها في سعيها اليومي لجمع القوت فهي تصطف في الهواء بصورة عفوية مثيرة للانتباه يفتقدها بشر همجيون في سلوكهم اليومي سواء في صعودهم لوسائل النقل أو عند الوقوف في طوابير الخبز التي لا تنتهي ، الطيور أيها السادة لا تنقطع عن الترانيم و الغناء لأنها قانعة سعيدة بالقليل في حين أننا لا نحمد الله على كل هذه النعم و هذه الخيرات بل لا نبسط ألسنتنا بالغناء و نبرع في استعمالها لتلويث الأعراض و نثر عبارات الشماتة .
بعض هؤلاء الزعماء العرب نحن من جئنا بهم للسلطة ، نحن نقول هذا من باب الغرور و النرجسية المضحكة طبعا لأنهم جاؤوا رغما عن إرادتنا و دون أحم و لا دستور ، كنا نود من باب الطمع الغير المحمود أن ينتفض واحد منهم على الأقل حتى في سره و نجواه ليقول كفى لإسرائيل الغاصبة للأرض المنتهكة للعرض المعذبة للأسرى لكن يا عيب الشوم وجدنا سياطهم تلفح أجسامنا لمجرد تعبيرنا عن هذه الأمنية العفوية البسيطة ،
يظهر و الله أعلم أن هذه الشعوب العربية قد أخطأت العنوان و تمنت أكثر من المسموح به و غالت في الطلبات ، نحن شعوب أو مجرد بضاعة كاسدة عانس بلا ثمن و مجرد شهود كومبارس أغبياء على وجود أنظمة متشابهة بشكل مثير لم نخترها حقيقة و لم نقبل بها في سرنا و علننا و لكنها جاءت كالقضاء المستعجل لتمطط و تتمدد و تبقى و تتناسل و تتوارث ، الإنسان العربي أيها السادة بلا ثمن يتم استعماله كمخبر تجارب لكل نزوات المستبدين و بالنهاية فليس من حقه لا أن يقبل و لا أن يعترض و لا أن يبقى بين الأبيض و الأسود .
اليوم فضاء العرب أسود و خطابهم أسود و رايتهم سوداء و مستقبلهم بلون السواد و الكل يعانى من خطاب أسود و من ألسنة لا تتحدث إلى شبابنا المهمش الغائب عن الوعي بفعل ملايين أقراص الكابتغون إلا عن الحور العين في جنات عدن موهومة كاذبة ، خطاب عائق سفيه مضلل يعتمد التزوير و المغالطة و النفاق باسم الدين و باسم الجهاد المقدس في الأرض الخطأ مع العدو الخطأ ، أين الجهاد مما يحدث في العراق و سوريا و ليبيا ؟ أين النصرة للإسلام في كل ما حدث من ذبح و سلخ و تهليل و تكبير ؟ ألم يشاهد هؤلاء القتلة عجرفة الجيش الصهيوني ؟ ألم ترق مشاعرهم لرؤية الاعتداءات الهمجية الصهيونية ؟ ألم يحن الوقت لترتفع أصوات عمائمنا البيضاء في الأزهر الشريف و في الشام و في المغرب و في تونس لتقول كفى ؟ كيف لبعض عمائم الشر الآثمين أن يحتلوا عقول الشباب بمثل هذه السرعة و السهولة في حين يتلهى شيوخنا الأفاضل في خطب الجمعة و مسامرات العيد بالحديث عن التيمم و حق الجار؟ ألم يحن الوقت لمواجهة التيار التكفيري أم سيتكلم شيوخنا الأفاضل بعد خراب مالطا ؟ .
” إن دماءكم و أموالكم و أعراضكم عليكم حرام ” هكذا يوصى النبي الكريم محمد صلّى الله عليه و سلم يوم الحج الأكبر كل المسلمين لكن ألا يحق لبعض عمائم الشر أن تخجل من نفسها و هي تخالف هذا الحديث مخالفة الباغي المعتدى على قيم الدين الحنيف ، كيف السبيل إلى إقناع هذه العقول بأن سفك الدماء و إيذاء الأبرياء و الاعتداء على الحرمات هي بمثابة جرائم ضد الإنسانية و ضد كل الأديان بما فيها الدين الإسلامي ، بين الفينة و الأخرى تنتشر في وسائل الإعلام و التواصل الاجتماعي فيديوهات لقتلة بغاة نزعت من قلوبهم الرحمة، المثير أنهم يتعمدون توثيق هذه اللحظات الكريهة و هم يقتلون و يسلخون الأبرياء تحت التهليل و التكبير و فلاشات التصوير و هي صور فاجعة تدل على أنهم لا يحملون مشاعر إنسانية و لا ضمائر بل لا يستحضرون أن أفعالهم القذرة سيجدونها في لوح محفوظ يوم الحساب العسير ،
عمائم الشر ينتشرون كالفيروس في الفضائيات المشبوهة تمولهم شخوص مشبوهة لذلك تجدني أحذف كل يوم قناة من قائمة القنوات ” العربية ” لم تعد صالحة ” للاستعمال ” و ظني أنه سيأتي يوم لن أجد قناة عربية وحيدة تتحدث عن العروبة أو المقاومة، بل خوفي أن لا أجد قناة عربية تعترف أصلا بعروبتي .