في ظل الحملة الممنهجة ضد النظام السياسي الديمقراطي في تونس، وإثر ما نشاهده من تصاعد الحملات المشبوهة بغاية إحداث انقلاب على الديمقراطية وخلق حالة من الإرباك وعدم الارتياح النفسي لدى عامة الشعب بتدخل خارجي لم يعد خافيا، فإن الرؤساء الثلاثة مطالبون بموقف موحد قوي يكون رسالة واضحة عن تماسك النظام السياسي، وتفنيدا لكل الإشاعات بما يبعث رسائل أمل رغم الظرف الصعب الناتج عن فيرس كورونا.
الصمت يفتح المجال لمزيد من الإشاعات والإٍرباك. رجاء ، رجاء ، رجاء ، لا تتركوا تونس لدعاة الفوضى فقد بان فشلهم الذريع في ليبيا وسوريا واليمن رغم آلاف ، آلاف المليارات التي انفقوها للتخريب.
قولوا لهم صراحة إن ديمقراطيتنا أقوى من خرابكم، وإننا نختلف في ما بيننا في ظل الديمقراطية لكن لن نفرط فيها كما لن نفرط في وطننا تحت أي يافطة كانت حتى تبقى تونس منارة ونموذجا ديمقراطيا في العالم العربي.
إلاهي في هذه الليلة التي تتنزل فيها الملائكة والروح هب لقوم افريقية الرشد حتى لا يدمروا بلادهم.. إلاهي إننا ابتلينا برهط من السياسيين لم يدركوا نعمة الحرية بعد ويوشكون أن يفسدوها فيفقدونها أهلهم وذويهم.. إلاهي من اصيب بعمى الالوان منهم فهب له بصرا ثاقبا حتى يميز بين فضائل الحرية وكوارث الحرب الأهلية التي تعيشها دول في محيطنا الإقليمي..
إلاهي إن منهم من يؤجر في العشر الأواخر من رمضان سفلة ومرتزقة لحرق الزرع والنسل لإغراق السفينة بمن فيها..
إلاهي علمهم أنهم خلقوا مختلفين وأن ديمقراطية تجمعهم خير من دماء تفرقهم.. إلاهي اهمس في آذانهم أن مستقبل الشعوب يبنى على الأهم قبل المهم، حتى لا يتقاتلوا حول صندوق زكاة، أو سباحة في بحر، أو يتيهوا في مستنقع خلاف بين "عصفور" و"كلب"، أو في صغائر الامور التي تعيقهم عن تحقيق ما وعدوا به عامة الشعب..
إلاهي هب لهم وعيا يدركون بمقتضاه أن وطنهم أولى من تنفيذ أجندات أجنبية غايتها تخريب الديمقراطية الفتية..
إلاهي لقنهم أن الفتنة أشد من القتل حتى لا يسقطوا في أفخاخ دعاة الفتنة الذين خربوا التجارب الديمقراطية وحولوا أهلها إلى شيع متقاتلة. فكانت النتيجة آلاف القتلى والمهجرين والمعتقلين.. إلاهي ذكرهم أنهم ابهروا العالم بثورتهم في فترة ما من تاريخهم وأنه لا مجال للعودة إلى الوراء وأن قدرهم إنجاح تجربتهم..
إلاهي ثبتهم على الايمان بالثورة باعتبارها طريقهم إلى تغيير حقيقي يجعلهم بعد عقود في مصاف الأمم المتقدمة..
إلاهي مكنهم من بصيرة يدركون بمقتضاها أن نعمة الاستقرار مكسب تحسدهم عليه شعوب أخرى ممن قتل ذووهم واعتقلوا وهجروا من ديارهم في حروب بالوكالة لا ناقة لهم فيها ولا جمل.. إلاهي اجعلهم يدركون أن الديكتاتورية تتلون كالحرباء وتغير جلدها وتتسلل إليهم من استدامة الخلافات المفتعلة بينهم ..
إلاهي هب لهم قدرة على الفرز بين الزلم الذي لا يتوب لأنه كالحجر الذي لا يذوب، فهو كالذئب يترصد غفلة الراعي حتى يأتي على القطيع..
إلاهي من كان منهم شرعيا فدعمه ومن كان مشروعا فخذ بيده كذلك حتى يدركوا أن الشرعية والمشروعية سيان ما دامتا ستوصلانهم إلى أهدافهم. إلاهي ذكرهم أن بلادهم تعاقب عليها غزاة وملل ونحلل وحضارات متعددة وأنها صمدت بشموخ في كل مرة ونجحت في هضم مختلف التجارب.
إلاهي من كان ديمقراطيا حقا في هذا البلد فثبته ومن كان يستعمل الديمقراطية مطية لتصفية خصومه وإرجاعنا الى مربع الديكتاتورية الأول فاجعل كيده في نحره، ودمر خططه فإن البلد لا يحتمل.
إلاهي إنك أعلم العالمين بأن الديمقراطية حية لا تموت وإن تعثرت، وأن الفتنة نائمة ملعون من أيقظها.