سلاما.. أيّها الخونة

Photo

هؤلاء الخونة.. أحيانا لا يتوجّب عليكم سماع أعذارهم الأقبح من الذنوب.. لا يتوجّب عليكم الانصات إلى ما سيقولونه لكم.. ذلك الكمّ الخرافي من التّرهات والأكاذيب التي يلقونها على وجوهكم بكلّ وقاحة و دناءة و بلا استئذان دفاعا عن أنفسهم.. يال خيالهم الخصب! هم بالفعل أدباء بلا كتابة.. أدباء مبدعون دون أن يكتبوا ولو حرفا واحدا في الأدب! ملكة التأليف لديهم فيّاضة لا جماح لها و مملكة الخيال عندهم شاسعة.. حتّى أصبح بوسع الفرد منهم أن ينشئ من الأكذوبة قصّة ومن الكذبة رواية ومن الكذب عالما مترامي الأطراف.. يتحرّون الكذب حتّى يُصبحوا هم الكذب بعينه.. يُضفي الكذب على شخصهم ما يُضفيه المسرح على حركات و سكنات الممثّلين.. يا الله.. كم هم بارعون في اختراع الأقاصيص ليدافعوا عن أنفسهم وهم أمامنا.. عراة..

هكذا يصبح الإنسان لحظة سقوط آخر ورقات التوت عنه.. لحظة تجرّده من إنسانيّته.. من أخلاقه.. من قيم الوفاء والصدق المتجذّرة فيه.. الوفاء جوهر الفضيلة كما تعلمون و قيمة متأصّلة فينا بالفطرة! فمن علّم الإنسان الغدر والخيانة بحقّ السّماء؟ من علّمه الأنانيّة و الكذب؟؟ لا أحد.. حتّى الشيطان منه براء. إنّ أكثر الأفكار جحيميّة و أقذر الأفعال جهنّميّة هي الأخرى نابعة منّا و قابعة فينا كبشر.. كلّ ما على الانسان فعله هو مواصلة النّزال إلى الرمق الأخير حتّى يصير بطلا بلا منازع على الحلبة ما لم تقهره شهوته و تهزمه نفسه الأمّارة بالسوء بالضربة القاضية..

ألم يدرك هؤلاء الخونة أن حبال الكذب و الاحتيال وإن طالت تبقى قصيرة؟ ألم يسمعوا بتلك المقولة المأثورة "بإمكانك خداع كلّ الناس لبعض الوقت، لكن لن تستطيع خداعهم إلى الأبد.." ؟ حتما لم يسمعوا بها. ولو سمعوها ما وعوها.. لذا.. سأقولها لكم للمرّة الالف.. لا يتوجّب عليكم سماعهم.. لأنّ أفعالهم قالت كلّ الحقيقة.. هدمت حصونهم المتداعية..

أسقطت كلّ أقنعتهم الرخيصة الواحد تلو الآخر، حتّى تعرّت النوايا لتكشف عن كلّ قبيح.. ويبقى طلبي الأخير من كلّ الخونة أن يظلّوا مخلصين في خيانتهم لنا ما حيينا ولا يطلبوا منّا الصّفح والغفران في يوم من الأيّام.. إذ لم يتبقّ لهم مجال آخر للوفاء سوى أن يكونوا أوفياء في خيانتهم لنا.. هكذا.. نعدهم بأنّنا لن نحتقرهم أكثر.. عمتم مساء..

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات