ان خطورة ما اقترفه بعض الخارجين عن القانون من رجال الأمن ومن المنتسبين للنقابات الأمنية خلال تحركهم البارحة لا تكمن في حجم التجاوزات رغم خطورتها بل في تبعاتها المستقبلية وتأثيرها على المواطن والوطن.
ان ما وقع هو تعد فضيع على الدولة ومؤسساتها وله تأثير مباشر على الاستثمار الخارجي وسمعة البلاد .
ان ما أقترف هو سلوك غير حضاري لا يليق ببلادنا وشعبنا وثقافتنا .
اعلام دولي يتحدث عن تجمهر غير مرخص واقتحام رجال أمن لمقر السيادة الأول في البلاد رغم حالة الطوارئ وتعطيل العمل بالقوة والعبث بالممتلكات ورفع شعارات سياسية من رجال ينتمون لجهاز يحمل السلاح. ولوح البعض لخطورة أن تتحول البلاد إلى دولة فساد وعصابات مسلحة يحكمها أمراء حرب .
ما نشر وبلغات عدة يبين بأن البعض من هؤلاء صدر عنه عنف لفظي وعبارات منافية للحياء وهذا سلوك يدل على ضرورة مراجعة مقاييس القبول في أجهزة الأمن .
لعل أبرزا لمتضررين من هذا الفعل هم :
- رجال الأمن الشرفاء وهم الأغلبية الساحقة و الذين سيتم الخلط بينهم وبين من شوهد وهو يتطاول على الدولة والشعب
- المواطن الذي سيفقد الثقة أكثر في رجل الأمن وسيتحاشى اللجوء اليهم وستتعمق الهوة أكثر بين المواطن ورجل الأمن
- البلاد التي صورت على أن أوضاعها غير أمنة كما يصعب الوثوق في مؤسساتها ورموزها
فلا بد من شجاعة سياسية كبيرة تقطع مع التسيب وتجاوز القانون وتعلن عن إجراءات رادعة تعيد للدولة والمؤسسات مكانتها التي تليق بها. لذا وجب التسريع بتطبيق القانون على الأشخاص الذين اعتدوا على رموز الدولة وأهانوا البلاد وأساءوا للمؤسسات. ان مسألة تطبيق القانون على الجميع بدون تمييز ملحة للغاية إذ أنها الضامن الوحيد للشعور بالمواطنة. - فهل الدولة قادرة على تطبيق القانون على من يرفض الأوامر من الأمنيين؟
ان التساهل مع هؤلاء وكل من يثبت تورطه في هذه الجريمة البشعة في حق الوطن سيعيد البلاد إلى عصر التناحر والفوضى.
هناك مطالب مشروعة لا مناص من العمل الجدي على تحقيقها ومن حق كل قطاع أن يكون له نقابة تدافع عن منظوريه في حدود القانون وبالأساليب والأشكال المتعارف عليها دوليا ولكن أن يتم التطاول على القانون أو رفض الأوامر أو تحدي المسئولين فالأمر يصبح جلل.
مرة أخرى نطرح السؤال لمصلحة من تتم هرسلة مؤسسات الدولة بهذه الطريقة وخاصة ونحن أمام مرحلة صعبة ووضع اقليمي متفجر يستوجب من الجميع العمل على المرور بالبلاد إلى الاستقرار الأجتماعي والاقتصادي والأمني.
مرة أخرى نعيد طرح الأسئلة التي بقينا نبحث لها عن اجابات منذ فترة.
ما حقيقة الأمن الموازي ؟ لمن يتبع وممن يأخذ الأوامر؟
هل ارجاع المفصولين هو اعتراف من الدولة بأن فصلهم كان خطأ ومن يتحمل المسؤولية؟
متى يتم الإعلان رسميا عن أسماء المجرمين والعصابات الإرهابية التي أساءت إلى سمعة تونس عبر ما اصطلح على تسميته بجهاد النكاح؟
هل الدولة قادرة على حماية الوثائق السرية عبر محاسبة المخالفين والضالعين في عمليات التسريب؟
المطلوب الآن هو :
- التسريع بفتح تحقيق قضائي وبرلماني ومعاقبة المخالفين
- مراجعة الرخص الممنوحة للنقابات الأمنية وسحب رخصة العمل القانوني لمن لا يلتزم بضوابط العمل النقابي
- نزع سلاح العناصر التي تمثل خطر على الأمن العام ورموز الدولة والتي تسوق لشعارات سياسية تحت غطاء نقابي
- التفاعل الايجابي مع المطالب المشروعة لرجال الأمن من خلال التفاوض مع ممثلي السلك الحقيقيين