دواعش عقبة ودواعش عليسة
خلال أكثر من عشرين سنة أرادت المنظومة الثقافية والإعلامية المسيطر عليها من طرف دواعش الثقافة أن تستأصل الذاكرة و تذبح رموز التاريخ فلا تسمع إلا عن بطولات قرطاجنة و حنبعل وسميت قناة تونسية باسمه ولا يتم الحديث إلا عن عليسة وسمير خط هاتف جوال باسمها ثم مجدوا الكاهنة وسميت البنات باسمها و أما أبطال الفتح العربي كأسد بن الفرات وطارق بن زياد وعقبة بن نافع فلا تكاد تسمع عنهم ركزا في الثقافة والإعلام والسينما ..
كانت هذه هي السياسة الثقافية الانتقائية و العنصرية ضد العرب التي أتبعها لصوص التاريخ من مدعي العصرانية والحداثة والممجدين فقط لعصر ما قبل الفتح و هي السياسية التربوية والثقافية الأكثر عنفا و إرهابا في تاريخ تونس الحديث وقد كان هذا العنف الثقافي والإعلامي والسينمائي الماسخ لثقافة و تاريخ البلاد أحد الأسباب المهيئة للعنف المضاد وللحاضنة الارهابية الجديدة التي تقاوم العنف الثقافي بعنف مضاد مسلح ودموي و ذلك في غياب المساحات و الاطر الثقافية والفكرية لرد الفعل وللتنفيس الثقافي.
لصوص التاريخ في تونس حاولوا قتل وإغتيال كل رمزية تاريخية تشير للعرب وللمسلمين ولم ينتقوا من هذه الرمزية إلا أدب الخمريات و حكايات المردان والغلمان ولقد كانت سياسة تربوية ثقافية إعلامية مدروسة ومقصودة وقد كانت نتائجها كارثية على الأجيال و مازلنا سوف نتجرع علقمها وسمومها الى سنوات قادمات .
ولأن القلوب عمياء والعيون بصيرة فإنهم ينكرون ويكابرون وكلما لامسنا لب الحقيقة وقلب الواقع إتهموننا بالتبرير وبالتمييع وبالتبييض وكان لا بد لهم أن يصطنعوا التهم ليبرؤوا ساحاتهم الملوثة بممارسات المسخ الثقافي والاستئصال …
أفلم يروا أن لتسمية كتيبة حادثة سليمان بكتيبة أسد بن الفرات ولتسمية مسلحي الشعانبي بكتيبة عقبة بن نافع أبعادا نفسية وثقافية وتاريخية تستبطن رد الفعل بطريقة إرهابية مسلحة على العنف الارهابي الثقافي التي مارسته كتائب الكاهنة وكسيلة ...المرتبطة رأسا بالاستعمار والاستشراق من أجل مسخ الهوية الثقافية للبلاد.
هل كتب لنا أن نكون رهائن بين دواعش العنف المسلح الارهابي الخارجي ودواعش العنف الثقافي العصراني الخارجي ...كلهم دواعش وكلهم خوارج وإن أختلف السمت الظاهري.