الإرهاب.. كابوس الشعوب الذي لا ينتهي

Photo

أن تعيش في بلدك و أنت تشعر بالقلق و الخوف و التهديد .. شعور سيّئ للغاية تعرفه العديد من الشعوب العربيّة و لعلّ الوضع الأمني المختلّ في العديد من المناطق كالعراق و اليمن وسوريا و ليبيا على سبيل الذكر لا الحصر أبرز مثال على ذلك . لكن هذا الشعور لم يتعوّد سكّان باريس و بروكسل عليه بعد . لقد بدأ الناس في تلك الربوع يدركون أنّ يد الارهاب يمكن أن تطول أيّ مكان في العالم دون قيد أو شرط .

فلا عاصمة الورود و لا عاصمة الأنوار ولا عاصمة الضباب تمتلك المناعة المطلقة لتكون في مأمن من الضربات الارهابيّة الدمويّة التي لا تفرّق بين عون أمن في الشارع أو طفل يلعب في الحديقة أو امرأة خرجت للتسوّق . لقد كثر الهرج و المرج في كلّ مكان و هذا لا ينذر بالخير بتاتا . فهل عجزت الانسانيّة عن اجتثاث الارهاب من أوطانها ؟

يبقى الجواب على هذا السؤال قضيّة جوهريّة ومسألة مصيريّة في عصرنا الحاضر . لقد أثبت ثلّة من المحلّلين الاجتماعيّين و السياسيين أمثال " أليكس شميت " و" برتو جونجمان " أن كلمة ارهاب تعني تحديدا الاستخدام العشوائي للعنف اللفظي أو المادي و الذي قد يصل الى القتل عمدا . إرهاب الدولة و المنظّمات المتشدّدة التي تبحث عن سقوط أكبر عدد ممكن من الضحايا المدنيين هو أخطر ارهاب يمكن أن تتعرّض إليه الشعوب و المجتمعات وهو ما يحدث الآن في سوريا و العراق على سبيل المثال..

لقد بات واضحا بالفعل أنّه لم تعد فقط المافيات و العصابات هي التي تمارس العنف و القتل في الأوطان بل بات الجميع يدرك أن العديد من المنظمات السياسية أو الجنائية أو أحزاب اليسار واليمين القومية أو الدينية أو الثورية منها ، أو حتى الدول قد تستخدم الإرهاب لتعزيز قضية ما أو لكسب الربح أو للدفاع عن المصالح الذاتيّة أو لتحقيق أهداف بعيدة المدى .

و هنا نوشك أن ندخل في متاهات نظريّة المؤامرة الكبرى و المشروع الماسوني العظيم و التهيّؤ للنظام الدولي الجديد و التي يرى البعض أنّها الخيوط اللأساسيّة التي تحرّك كلّ شيء في الخفاء و أنّها المسئولة عن ما يدور و يحدث في هذا العالم المتقلّب . وكلّ تلك المتاهات نحن في غنى عن الخوض فيها .

يرى العديد من المحلّلين وعلماء الاجتماع أنّ استخدام مصطلح " الإرهاب " في حد ذاته هو حجة كلّ من أراد أن يلقي الاتهامات عموما . و لهذا فهو مصطلح خطير لما يحوي من انزلاقات وخيمة على حساب الحريّات.

فيكفي أن تطلق لفظة " إرهابي " على أيّ كان لتتحوّل حياة المتّهم إلى جحيم في غمضة عين . فهو مصطلح ينزع الشرعية على الحقوق الفرديّة و يشرّع للعقوبات القاسية التي يمكن أن تصل إلى السجن المؤبد أو الإعدام . ولذلك يجب على الجهات المختصّة التمعّن و التدقيق و التحقيق قبل القاء التهم على أيّ كان.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات