وبلادي مُباحةٌ ولهذا ...يتسلَّى بنهدِها الأقزامُ

Photo

وطقوسي عادية لا غرابة فيها ..فقط تأخذني بعيدا هناك إلى حيث أني وحدي فلا استطيع الكتابة إلا إذا كنت في مهب الحب أو الموت..

وهذه الطقوس كما قلت لا موعد لها فقد يكون في آخر الليل أو منتصف الجرح .. وحين أباغت بكلام لم يكن موجودا قبل حين أصرخ: أهلا بك يا أيها القادم من أغوار الذاكرة وأعماق الشجن .. هذا القادم الشعري مثل مواليد البشر قد يكون جميلا أو دميما..قصيرا أو طويلا.. شعلة من ذكاء أو كتلة من طين..

في كل الأحوال أفرح بمخلوقاتي الجديدة وأعرضها للشمس والهواء إلى حين حتى يسمع بذلك أصحابي ومعارفي فنشكل جلسات سمر وشاي خالية من النميمة والضغينة .. أقرأ شعري فيهزون رؤوسهم موافقة أو معارضة .. وينفض السامر ويجنح الليل للغروب ونحن نتبادل الأنخاب والشتائم أحيانا إذا كان هناك أنصار الوزن في الشعر وأنصار النثر فيه .. وكنت وما زلت أعد الوزن من عناصر الشعر الجميلة ومن جاء بقصيدة دونه أصفق لشاعريته النثرية فالإبداع لا قيود له كما قيود الحياة .. والحياة نفسها قيد ..ألا يقولون: فلان على قيد الحياة..


يقبل الموت

يأخذ منا الحبيب

نحن خلف خطاه نسير

ونأبى النحيب

نتجرع مرا

نعود إلى ذاتنا

مثل دمع غريب

وتجيء القصيدة عما قريب

****

أيُّها الشِّعرُ كم لهَوْتَ بنفْسي

وزرعتَ الآمَالَ في عُقرِيأسي

..

لم تكنْ صَادقاً معي فأراني

ضَائعاً في غياهبي دونَ شمسِ

..

قلْ: لماذا غمرْتَني بوعودٍ

إنَّ يومي التعيسَ يُشبهُ أمسي

..

قد ملأتَ الفؤادَ بالحلمِ زاداً

حيثُ أغدو بهِ سعيداً وأُمسي

..

وندائي الذي تعالى كثيراً

قد تلاشَى كأنَّهُ صَمْتُ رمسِ

..

أَوَلَمْ نتَّفقْ بأنَّا سنسْعى

كي ننجِّي الحياةَ من كلِّ رجسِ

..

غير أنِّي حينَ الوصولِ إلى الماءِ

رأيتُ السرابَ يغمرُ حدسي

..

ها هي الدُّنيا محضُ كرٍّ وفرٍّ

ودماءٌ تُراقُ من أجلِ كرسي

..

أيُّها الشعرُ لم تعدْ غيرَ ذكرىً

سوفَ تُنسى فكلُّ ما فيكَ يُنسي

..

آهِ ..دعْني في الصَّمتِ أسرحُ وحدي

لم يعدْ يُغري عالَمي أيُّ جَرْسِ

****

أحسُّ بأنّي أجرُّ قطاراً ورائي

وأنَّ القصيدةَ بينَ يديَّ

تضيقُ بحجمِ بكائي

وأنَّ السماءَ على الأرضِ خرَّتْ

فأصبحتُ دونَ سماءِ

ترى ما ذريعةُ هذا الظلامِ

يخيّمُ فوقي وتحتي

ويجعلُ صيفي شتائي

وكيفَ الجهاتُ بلا جهةٍ

من أتاني بعصرٍ بدائي

أحسُّ بأنَّ الزمانَ ثقيلٌ

وأنَّ الإقامةَ فيهِ

دليلُ الغباءِ

لقد ضقتُ بالحلمِ ذرعاً

لقد صارَ عبئاً

أريدُ التخلصَ منهُ

كما يتخلَّصُ سجنٌ من السجناءِ

كما تتخلَّصُ أرضٌ من الدخلاءِ

كما تتخلصُ روحي

من الشعرِ

والشعراءِ

أحسُّ بأني أجرُّ قطاراً ورائي

*****

لم تعدْ في بيوتِنا أحلامُ…فاطْمئنُّوا - أهلَ البيوتِ - ونامُوا

نُهبَ المسجدُ المقدَّسُ نهباً… والمصلُّونَ كلُّهمْ والإمامُ

لا تخافُوا هنا على أيِّ شيءٍ… كلُّ شيءٍ هنا..على ما يُرامُ

وكما قلتُ فالبيوتُ خواءٌ… لا شرابٌ لا همسةٌ لا طعامُ

فإذا جاءَ اللصُّ لم يرَ شيئاً… فعلى البيتِ رحمةً وسلامُ

هكذا نحنُ.. يأسُنا ملَّ منَّا…فسواءٌ ضياؤُنا والظلامُ

أيُّ خيرٍ في عامِنا أيُّ خيرٍ…قد تساوَتْ في حجمِها الأعوامُ

كلَّما مرَّ واحدٌ جاءَ أدهى…حلَّقَ البومُ واستُبيحَ الحَمامُ

وبلادي تابوتُها صارَ أحلى.. فعليهِ تُزخرفُ الأعلامُ

وبلادي مُباحةٌ ولهذا …يتسلَّى بنهدِها الأقزامُ

صارَ من حقِّها انتحارٌ شريفٌ…فحياةُ الهوانِ موتٌ زؤامُ

أيُّ سوريةٍ ستنهضُ يوماً … ولغَتْ في فينيقِها الأيَّامُ

****

الشعرُ ليسَ رماداً خامداً أبدَا

لكنَّهُ اللهبُ القدسيُّ متَّقدَا


وهو الجنونُ الذي يقتاتُ من دمنا

لولا الجنونُ لكانَ الشعرُ محضَ سُدَى


الشعرُ ليسَ تفاعيلاً وقافيةً

ولا بياناً ومنه النَّبضُ قد نفدَا


فعاقرِ الجرحَ واصنعْ منهُ ملحمةً

قدِّمْ له روحَكَ العزلاءَ والجسدَا

****

تقبَّلَ الله أحزاني وأشجاني

هذا.. وأدخلُني أنقاضَ أوطاني


العيدُ راحَ ولم أحصلْ على فرحٍ

والعيدُ أدبرَ معْ منفايَ خلَّاني


لا طفلَ عيَّدني فالعيدُ أفلسَني

من الطفولةِ ..من أحلامِ إنسانِ


أما الفراشاتُ فهْيَ الآنَ ميِّتةٌ

من أوَّلِ القلبِ حتى حدِّهِ الثَّاني


لا ابنُ زيدونَ في الزَّهراءِ منتظرٌ

ولا جميلٌ أراهُ ملءَ فنجاني


قد جفَّ حلمي وجفَّ البحرُ في لغتي

كأنَّها كذبةٌ من وحيِ نيسانِ

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات