تحدث المنصف ولد عمي قال:
أعرف أنكم اشتقتم إليّ ولذلك عدتّ..
فقد كان لا بد لحماري من وقفة يشحذ من خلالها ذهنه الذي كاد يتبلّدّ من كثرة الأحداث الغريبة وغير المعقولة التي تتلاحق على أمتنا..!!
لذلك جُلتُ به الدول العربية الشقيقة حيث الأحمرة هناك تمتاز بذكائها الوقّاد..!! وقدرتها العجيبة على استنباط حلول "استحمارية "لا تخطر على بال حمار..
وقد اكتشف حماري أن أحمرة العرب تتشابه جميعها وانها تحمل نفس الهموم..!!
فهي جميعا تحتمل فوق طاقتها وتتجرع الذل والقهر راضية شاكرة وهي جميعا تفلسف حاضرها الكريه
من خلال حكمة رومانية قالها حمار يوناني:"غدا هو يومٌ آخر !!"
والمشكلة أن هذا الغد لم يأت أبدا..
ولكن حماري.. وكل حمير العرب تعيش على أمل أن يأتي هذا الغد الذي لن يأتي !!
طبعا حماري فهم اللعبة ولذلك قرر أن يعيش بماضيه فقط !!
ولمّا اكتشف أن ماضيه القريب لا يختلف عن حاضره.. اكتفى بالإنتساب إلى التاريخ القديم !!
وهو شديد السعادة أن خلقه الله حمارا ويردد حكمة تفتق عنها عقله العبقري:"أن تكون حمارا وأنت تفكر خير لك من أن تعتقد أنّك تفكّر وأنت مجرد حمار.. "طبعا لم أفهم هل أنا مقصود بالجزء الأول أو الثاني من جملته"! وأعترف أنني لم أفهم مقولته الخارقة أصلا !! وحين ألححتُ عليه أن يُفكّ لي طلاسمها.. اكتفى بابتسامة غامضة !!ابتسامة جعلتني أبادره قصد إغاظته:"بالتأكيد أنت نفسك لا تفهم "عنك" فأنت في النهاية مجرد حمار عربي.. ومهما اجتهدتَ أن تتجاوز "حالتك الإستحمارية " فلن تُفلح بإقناعنا أنك تُفكر..حتى لو ملأت الفضاء بما تعتقده من درر الحكمة.."
اكتفى حماري بإشعال سيجار كوبي فاخر لنفسه وبعد أن سرح بناظريه بعيدا .. قال لي بتحدّ ظاهر:"وأنتهل تفهم عنك؟"..
الحقيقة أنني لم أحر جوابا وكأنه ألقمني حجرا..
الأكيد أنني أنا أيضا لا أفهم "عنّي" وإلاّ ما وسعتني أرض الله قاطبة..