موقف الثورة

Photo

أوقفني في سرادق الثورة وقال لي: ماذا ترى؟ قلت: أرى أحلاما تذوي و لا يوسف لها فتُتأوّلَ ، و أرى فرعون وجنوده يركبون فُلك نوحٍ فلا يغرقون ، و أرى وجوها تحسبها أقنعة و أقنعة كأنها وجوه ، وأري السامريّ لا عجل له ، وأرى موسى قد ضيّع سبيل البحر وأرى الصّبي يكبر وأباه يهلك وأرى الجدار يتهاوى أمام ذي جَدّ وإن أخلص النية ، و أرى مالك السفينة يهنأ بسؤدد لا يحول ولا يزول.

قال : حديث أعشى بصرٍ أو أعمى بصيرةٍ. قلت : أنت نوري و ما أنطقتني إلا ظلماتي..ولك العتبى حتى ترضى .قال : ماذا ترى ؟ قلت : أرى مستضعفين ملكلوا و ملوكا صاروا أذلّة و وأسافل رفعها موج الحق فاستوت على الجوديّ، وأرى أعالي تداركها الباطل فكأنما هي السراب يحسبه المجاز ماءً ، وأرى شركاء تخاصموا و خصوما تصالحوا و موائد وُضعت و لا فقير عليها ، وفقراء دُعوا وأعرضوا عن الداعي وما هلكوا من المسغبة. قال : حديث عبد وميْل مُكاتب و كِبر حرّ . قلتُ: تشظّى الحرف إذ غبتَ ، وعُمّيت المعاني لمّا احتجبتَ.. أتكون مفاوزَ الهُلك أحسبها أرض ميعادي ، أم هي أبواب الجحيم حُفّت بالشهوات؟ قال: لا تسألْ فلستَ ممّن يجاب سؤْلُهم ، ولا تنتظر يقينا فلستَ من المخلَصين، ولا تيأس من رحمتي فأكتبَك في القانطين...آنظر ماذا ترى ؟ قلت :أرى حُكمَ "كأنّ " و فتنةَ "لو" وغوايةَ"تسويف" ،واستعلاءَ" الرحماء" وكبرياء"الحَمَل" وأرى ماء التنور ولا هلكى. قال: الآن أبصرت فلا تطرف .

قلتُ : بين النظر والثبات فيه من المهالك ما لا منجاة منها إلاّ لمُرادٍ يُصنع على عينك، وما أنا إلا سامريّ كفر بالعجل و لا حقّ له في أثر الرسول. قال: لذلك خلقتك، ولن تخرج من سرادق النظر إلى ممالك الإبصار حتى تُنكر المرئيات كلّها ولا يكون لها عليك حكمُ.قلت : كيف؟

قال:لا تعجل بحرفك ومحروفك إلى وصف المرئيات وما خفيَ ،فإنك إن وصفت توهّمت منازل اليقين في مواضع الظنّ وأصررت على التألّه في مدارج العبودية ونظرت إلى الخلق من علٍ،عندها أخسف بك سبل مجالستي في مقام "السرّ و أخفى"ولا أبالي …..وتوارى كأن لم يكن.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات