تشويه مفهوم العدل – المطالبة بالمساواة في الميراث مثالا

Photo

سبق أن كتبت في مسألة ما يسمونه بالعدل بين الأخت والأخ في الميراث ردا على من وضعت القضية في مستوى المنزلة الوجودية في صلتها بهذه القضية.

ولن أعود إلى نفس الكلام فضلا عن كون الفايس بوك لا يسمح بمثل هذه العلاجات الدقيقة. فطرح مثل هذه القضايا ينتسب إما إلى المناكفة السياسية أو إلى تحقيق النجومية بالحرب على معتقدات المسلمين.

وهو إذن لا علاقة له لا بقضايا نهوض الشعوب وحقوقها ولا بقضايا الفكر والاجتهاد المعرفي في علاج شروط بناء العدالة الاجتماعية.

ما يعنيني هو التالي:

قلة ليس لها القدرة على تحقيق ما تطلبه من إصلاحات تراها ضرورية بآليات الإصلاح المعتمدة على ما يعتبرونه مصدر الشرعية أي إرادة الشعب.
قلة تريد استعمال قوة الدولة لفرض افكارها بدلا من الاعتماد على راي الشعب نفسه.

فهذه القضايا لا تعالج بإرادة السياسيين بل هي من مجال الاستفتاء الشعبي حتما لأنها تتعلق بمبدأيين أعلى حتى من الدساتير:

• مبدأ حرية الملكية

• ومبدأ حرية المعتقد.

فصاحب الثروة التي تصبح مادة الارث بعد وفاته هو مالكها وله بمقتضى حق الملكية حرية التصرف في ملكه قبل وفاته حتى بعد وفاته أي أنه هو الذي يقرر كيف توزع أملاكه بعد وفاته سواء بمقتضى عرف أو قانون وضعي أو بمقتضى عرف أو قانون شرعي.

فإذا اختار أن يوزع ملكه بمقتضى قانون شرعي فمعنى ذلك أننا انتقلنا من حرية الملكية أولا إلى حرية المعتقد ثانيا.

فإذا نحن فرضنا قانونا وضعيا لتوزيع ثروته بعده فمعنى ذلك أننا تدخلنا في حرية المعتقد.

وبذلك فكل من يدعو لوضع قانون وضعي يغير إرادة المالك الذي اختار توزيع ملكه بعده بمقتضى القانون الشرعي حرمناه من حقين من حقوق الإنسان:

• الأول حرية التصرف في ملكه.

• الثاني التصرف بمقتضى عقيدته.

لذلك فحتى لو قبلنا بأن الإرادة الشعبية فوق الأديان فينبغي على الأقل أن نطبق هذا المبدأ ولا يمكن تغيير قانون الإرث إلا بالاستفتاء وليس بقانون تضعه سلطة سياسية انتهازية تعبر عما يرضي من يفرضها على الشعب ويسميها لتحكمه بطرق خفية يضفي عليها شكل الديموقراطية ديموقراطية جمهوريات الموز.

ذلك أن هذه السلط التي تحكم تونس اليوم لا تمثل إرادة الشعب بل هي تمثل إرادة السفارات والممولين بنوعيهم.

والوضع تجاوز ما كان عليه الأمر في القرن التاسع عشر عندما كانت القنصليات الغربية تفرض كل شيء حتى وصلنا للكوميسوين المالي ونحن تجاوزنا ذلك وإن كان بطريقة مضاعفة (الوحدة الأوروبية وبالبنك الدولي(:

• إما من المافيات الدخلية

• أو من المافيات الخارجية.

وكلتا المافيتين تتعاقد معهم لاستغلال ثروات البلاد وتعطيهم منها بعض الفتات ويبقى الشعب محروما من شروط السيادة والكرامة.

أما النخب التي تعمل معهم في هذا الاتجاه فتبحث عن أمر آخر:

فهي تعلم أن ترشحها للنجومية يقع هناك حيث يتم تعيين من يحكم ومن يفكر ومن يسيطر على الإعلام والثقافة والجامعات والتربية إلخ…

وهي تعلم كذلك أن مجال التنافس في تحقيق النجومية هو الحرب على الإسلام وقيمه وتشريعاته حتى لو كانت أكثر عدلا من قيم الغرب التي هي أكثر القيم ظلما فضلا عن كونها لا تطبق إلا إذا كانت لصالح الغربيين.

إنها التبعية المطلقة.

فإرادة المافيات الممولة للحكام ونخبهم هي التي تحدد المشرعين في السياسة والفكر والثقافة.
ومعنى ذلك أن “النخب” كلها أو جلها صارت من “الحركيين” بالمعنى الجزائري للكلمة خلال ثورة شعب الجزائر المجيدة.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات