الدعوات خالصة بالشفاء للشاعر الكبير جمال الصليعي

Photo

الحمد لله حمدا كثيرا…

اخونا وحبيبنا وشاعرنا بخير …

طبيبته المباشرة تستكمل فحوصها الاساسية لتحوله طبقا لبروتوكولات الطب الى زميلها بالمستشفي العسكري بتونس (خدمة الطبة هذه عمل عبقري لا يفهمه الشعراء يبدو انها انشغلت البارحة بطبخ الملوخية)..

الشكر الصادق لأهل المعروف والواجب .

السيدة سنية مبارك وزيرة الثقافة لم تبخل في التدخل والمتابعة (هاني غفرت لها مقام الاصبعين)…

السيد وزير الدفاع الذي اذن باستقباله بالمستشفي العسكري وتخصيص غرفة اقامة له ( في انتظار تطوير مستشفي قبلي)

السيد والي قبلي الذي حرص على الزيارة والمتابعة .

الصديق الشاعر خالد الوغلاني الذي يرفرف بروحه حول شاعرنا وحبيبنا جمال
ساوافي اصدقاء الشاعر ومحبي شعره باخبار ادعو الله ان تكون دوما سارة ومفرحة
وعندما يكون مسموحا بالزيارة ساشعر الجميع بذلك …

يفضل عدم الافراط في تذكيره بمضار التدخين ... يوشك الامر ان يحدث ردة فعل معاكسة ..

شوف يا ولد الناس

لا حق لك في الذهاب ... لم نتفق بعد على موعد الفُرقة انت تخون صحبتنا بالتبغ الثقيل والسهر ... كنا اتفقنا على نص جديد انت تسرده وانا ازنه بميزان الخليل .

قلت لي اجرب السرد من اجلك وقلت لك علمني القصيد واتفقنا ... ثم بدانا و اعرضنا كرجلين يريان اميرة واحدة ...انت تكتفي بعطرها ...وانا اقيس خصرها ... انت تقول الضمة والشمة وانا اقول العض من رمانة الكتف ... ونفترق كي لا نسيء اليها ...ثم نلتقي لنختصم حولها ...اكتشف ان الرائحة اذا تضمخت بحناء شعرها تسكرني وانت تكتم عني ما اذا كان خصرها يدوخك .

كنت اترك لك منطقة الصمت هذه فحياءك اربكني دوما …

لا حق لك في الذهاب …

لقد اخترعتُ لنا مكانا للشيخوخة ... يمكن ان اعد لك فيه الشاي الثقيل و ندخن خلسة فلا فائدة من يوم بلا تبغ ثقيل و سعال ندم ..

اني أمهد المكان ويجب ان تشم فيه رائحة البرتقال اذا تبرج…

مكان قرب البحر لافطمك بعد الستين عن الكثيب ... قلت لي لا فطام لكني اعاندك كما يعاندني القصيد وينفر منك التسريد ..

اريدك حيا قرب البحر لاضخ في شعرك ماء ...لعل رواجمك تبترد بين يدي …

لا تذهب ... الان ...لن اعلمك الخمر ... احب ان اصلي وراءك في الايام الاخيرة وتستغفر لي احلاما اكبر من جسدي ...قادتني اليك وعلقتني في الثريا…

مد لي ... مد لي ..مد لي في روحك .... لا تتركني للنسيان ..

****

سلامٌ عليك نَدِيَّ الرّؤى ..
يا جَمَال الجميل ..
سلامٌ .. يعانِقُ أفقَ القصِيدةِ فِي عُنفوانِكَ ..
يا حمحَمات النّخيل ..
تدثّر بعافِيةِ لا تلينُ .. وقُم ..
للحَياةِ نشيدًا .. ولِلخَيلِ..
ترْجُوكَ .. برْقَ المَدى والصّهيل ..
فقد يعثُرُ الشامخُونَ ..
لأنّ البَصِيرَةَ مشدودةٌ للسّماء ..
ولكنّهم يثِبُونَ سِراعًا ..
على هامَةِ المُستحيل ..
سلامٌ عليك ..
سلامٌ إليك ..
شفاءً .. يعيدُ سواءَ السّبيل.

………..

سالم المساهلي


ما فائدة نصي اذا لم يجفف ريقك طربا وشوقا …


سيـــــد البـــــرق
جمال الصليعي
جويلية 2006


أرأيتهم يتقدمون ؟
أرأيتهم حين يكبرون ؟
أشهدت قرآنا يرتّل بالعيون
فتسيل من عزماتهم حصص المنون
وتدكّ باسم الله عالية الحصون
أرأيت ما عربية ولدت وما شرف البطون ؟
ولدت لتنفلق الجبال عن الرجال
الطالعين من المحال
السابقين إلى القتال
من ظل يذكر ما القتال ؟
تهتز أمواه القنال
ذكرت وذكرنا الرجال
لبنان يا جبل الجبال ويا تفاصيل الجمال
يا أمة وقفت على هرم الزمان هناك مانعة المنال
يا أمة بقيت تفيض على المقال
أسمعت قرع طبولهم ؟
ألمحت برق رجومهم ؟
أقرأت طيّات السطور ؟
لبنان أطلعهم جوارح كالنسور
لكأنّ أجنحة السّماء تمدهم ألف مسومة من المدد الوفير
بل إنهم مدوا لما حوت الصدور
خرجوا من الليل الثقيل ومن جراحات الدهور
في أمة فتحت للولا بابها ستين عاما ما تحير
لولا الضعيفة والذليلة والسّنام
انظر ورائك في النيام
الأرض تغصب والأنام
والروح تطفأ والكلام
قلنا اركبوا
هرعوا إلى الغرف المريبة والظلام
قالوا سيعصمنا الحمام
يا غصن الزيتون نجينا وأنقذنا حمام أهلا حمام
أهلا حمام
صبّوا لنا من ماء حكمتهم حمام
وتقلبوا في فارغ المعنى بلا معنى يسام
كنا نذبّح كل حين ثم ندفن في الكلام
كانت تسيل دماؤنا ويقال حي على السلام ,
أهلا سلام
أهلا سلام

****

تأويــل

أدركت من لا بدّ في الــــــــــــــــمرسل
إيماضة جــــــــــــــــــــــاءت كلا بدّ لي

وراء جزر الــــــــــــــــــــدّهر عن مدّه
أطلّ لمح مــــــــــــــــــــــــــن منى حفّل

بعد اصفرار العــــــــــــــــــمر يا برقها
لعلّها تهـــــــــــــــــــــــــــــــــمي ممحل

قلنا اكتبوها في مواعيــــــــــــــــــــــــدنا
قبل الزّمان المخلف الـــــــــــــــــــمجفل

رغم افتراء اللّيل مـــا يفــــــــــــــــــتري
رغم النّهار المـــــــــــــــــــــــظلم المليل

رغم الذين استـــــــــــــــــــــتقربوا بعدنا
واستصخبونا في السكـــــــــــــوت الجلي

خذها ولا تحفــــــــــــــــــــــــل بأبوابهم
هل غلّقت إلاّ على مخـــــــــــــــــــــــجل

خذها ولا تشفع لأفواهـــــــــــــــــــــــهم
ما أطبقت إلاّ على أجــــــــــــــــــــــــهل

خذها وقل يا صوت، غيــــــــــــــــباتهم
ينشقّ وجه الجدب عن منـــــــــــــــــــهل

بين القفار الرّبد أكــــــــــــــــــــــــــذوبة
صنع السّراب المدّعي المــــــــــــــنطلي

لكن قرأنا كفّها دونــــــــــــــــــــــــــــهم
يا صاحبي فاعبر ولا تســــــــــــــــــــأل

فأنت في ليليك يا مقـــــــــــــــــــــــــمرا
أجلى رؤى من مشهد مـــــــــــــــــــدغل

يا مخصبا فيك ازدحـــــــــــــــــــام المنى
عند الفراغ الموحش المثـــــــــــــــــــــقل

كيف التقينا والخطى تـــــــــــــــــــــدّعي
أنّا اقتفينا خطو مستــــــــــــــــــــــــــمهل

أدري وتدري قبل يا صاحـــــــــــــــــــبي
أنّا من الماءين في جــــــــــــــــــــــــــدول

فكيف تمضي الآن عن غــــــــــــــــــيمتي
والأرض مدّت كفّ مستـــــــــــــــــــــــقبل

حمّلت صوتي البرق مذ بشّـــــــــــــــــرت
غيماتك الأولى ثرى سنـــــــــــــــــــــــبلي

خبّأت منها للعجاف الـــــــــــــــــــــــــــتي
أتلفت ماء العمر كي تنجـــــــــــــــــــــــلي

راودت ستر اللّيل عن فـــــــــــــــــــــجره
أستدرج الأنوار للمــــــــــــــــــــــــــــــقبل

أخرجت خبء الحلم، هل أخــــــــــــــطأت
فتواي في ضغث لهم مشــــــــــــــــــــــكل

تكتظّ خلف الوهم أضـــــــــــــــــــــــغاثهم
يا يوسف التّأويل خـــــــــــــــــــــــــذ أوّل

للطّير في أطباقهم مـــــــــــــــــــــــــمرح
والرّأس لم يشغل ولم يســـــــــــــــــــــــأل

تلك النّفوس الصّفر كم تنحـــــــــــــــــــني
من منزل خفض إلى أســــــــــــــــــــــــفل

جوفاء إلاّ من صفير البـــــــــــــــــــــــــلى
عجفاء إلاّ جلد مستطــــــــــــــــــــــــــــبل

بي شاغل عنها ولي صــــــــــــــــــــارف
أن أنفق الأيّام في مهــــــــــــــــــــــــــــزل

أمضي على ما لم يـــــــــــــــــــسر واوهم
أجلو ضمير الغــــــــــــــــــــــــــائب الأوّل

أشياعهم شتّى ولي صــــــــــــــــــــــــــحبة
تغني لدى الأشياع والمــــــــــــــــــــــــعزل

أحيا ولي من جمعهم مفــــــــــــــــــــــــردي
فرقان لم نحمل على محــــــــــــــــــــــــــمل

يا مرسل القيد ارتفع هـــــــــــــــــــــــــــــذه
روحي لطيني أشرفت من عـــــــــــــــــــــل

طافت على أطرافه غيـــــــــــــــــــــــــــمة
لم تنقشع عنه ولم تهــــــــــــــــــــــــــــــطل

وخيّم الموتى على مـــــــــــــــــــــــــــــائها
يستخبرون البرق عن مــــــــــــــــــــــــنهل

قالت وقد شكّوا بصلـــــــــــــــــــــــــصالها
لمّا تدلّت تصطفي هــــــــــــــــــــــــــيكلي:

"أفديه أن يرمى إلى ظـــــــــــــــــــــــــــنّة
يكفيه أن حمّلته مـــــــــــــــــــــــــــــــحملي

سمعي، لساني، ناظري، حيــــــــــــــــرتي،
ناري ونوري،بعضه أكمـــــــــــــــــــــــلي

عبّأت هذا الدّنّ من صحـــــــــــــــــــــــوتي
فقد يراني ملأه عـــــــــــــــــــــــــــــــــذّلي

أرويت حرّي ماء إقـــــــــــــــــــــــــــراره
وبتّ أقري برده مرجــــــــــــــــــــــــــــلي

شققت صمتي عند تبـــــــــــــــــــــــــــيانه
لسان عيّيي كلّما عــــــــــــــــــــــــــــنّ لي

أجريت أنفاسي على راحـــــــــــــــــــــــــه
يا صاحب النّدمان طف علّـــــــــــــــــــــــل

وسرت أسقي برد حافــــــــــــــــــــــــــــاته
للظّامئين الشّرّد العــــــــــــــــــــــــــــــــزّل

يا واردا ردّوك عن حــــــــــــــــــــــــوضه
لا، لا تطعهم واقترب وانــــــــــــــــــــــــهل

واغنم لدى السّاقين أوقـــــــــــــــــــــــــاتهم
واقبس من السّارين ما تصطـــــــــــــــــــلي

واكتب عن الحادين إسرافـــــــــــــــــــــــهم
واخفض جناح الشّوق واستمـــــــــــــــــــهل

إن فات يوم ربّما غـــــــــــــــــــــــــــــــيره
يأتي بما لم يأته المنجـــــــــــــــــــــــــــــــلي

فالأرض لم تخلف مواعيــــــــــــــــــــــــدها
والدّهر لم ينكص ولم يـــــــــــــــــــــــــــنزل

ولا السّماء استوحشت ليــــــــــــــــــــــــــلها
ولا النّجوم استعجلت ما يـــــــــــــــــــــــــلي

ولا النّهار اغتال إصبـــــــــــــــــــــــــــــاحه
ولا العشيّ انفضّ عن مـــــــــــــــــــــــــــنزل

واللّيل يأتي طارقا (بــــــــــــــــــــــــــــــابها)
خلاّن ما ملاّ من العــــــــــــــــــــــــــــــــــذّل

والفجر رقراق بنحريهـــــــــــــــــــــــــــــــما
هيئ رفيف الشّعر واستقـــــــــــــــــــــــــــــبل

واسأل قناع النّفس عن خبـــــــــــــــــــــــــئها
وقل قناع أم عراء طـــــــــــــــــــــــــــــــــلي

وخذ سناء غيرها ، هــــــــــــــــــــــــــــــــذه
ملّت سؤال الوهم عن مـــــــــــــــــــــــــــدخل

وافضح نهار النّاس في (علــــــــــــــــــــــمه)
واسلك دروب الشّك إذ يغــــــــــــــــــــــــــتلي


جمال الصليعي
دوز ـ 2001

****

عزف على…. حرف مشدود

لولا رفيق
وافي سخي المدامـــــع /1
ولولا السّهر يطفي لهيب المواجع
ونجمات طول اللّيل يضّاون توابع
ولولا وتر حنّت عليه اليصابــــــع
كان انفطر قلبي بضيق الخواطر
ومالصبر ملّن و ضاقن ضلوعي

*****

يا لوعة الحرف ما غــــــــــــــيبي بمنكشف
حتى أنازع أطيــــــــــــــــــــاف المنى جهدا

وليس مستترا شــــــــــــــــــوقي ولا شجني
وبين جنبيّ هذا الخافـــــــــــــــــــــــــق اتّقدا

ولست أطوي عـــــــــــــــــــلى الآلام جانحة
مذ جئت يا صاحــــــــــــــبي من لوعتي سندا

فابذل رحيقك لا تبخــــــــــــــــل على وجعي
عهدي بما أوجع الخــــــــــــــلّين رجع صدى

ثمّ انغمد وارتشـــــــــــــــــــــف من خافق قلق
واسكب نجيعك منـــــــــــــــــــــــسلاّ ومنغمدا

واستمطر النّفس واســــــــــــــــــتخبر مغالقها
تهطل سيولا تنـــــــــــــــــــــاهى سكبها مددا

فإن تزاحمت الأوجــــــــــــــــــــاع يا سكني
فثمّ بورك حرّ الحــــــــــــــــــــــــــرف متّقدا

أضرمه يوقد ســــــــــــــــلاما ربّ مضطرم
بالشّوق لولا اشتـــــــــــــعال الحرف ما بردا

هذا اشتياقك أم مـــــــــــــــــــــــرّت نسائمها
أم رفرفت في سما أحـــــــــــــــــلامنا صعدا

هلّت غماما بقفر النّفس منـــــــــــــــــــــسكبا
وداعبتها فحالت أنفــــــــــــــــــــــــــسا عددا

جاءت أجل أشرفت لا طيــــــــــــف خاطرة
ولا خيالا بليل زار وابــــــــــــــــــــــــــتعدا

جاءت على غير ميعاد وأحــــــــــــــــــسبها
جاءت تضاعف أوجـــــــــــــــاعي بها كمدا

جاءت كأن ّنهارا قائــــــــــــــــــــظا عبرت
به لدى قيظه الأنســـــــــــــــــــــــــــام فاتّأدا

جاءت تلملم أشــــــــــــــــــــــــواقا تعاورها
ريب اللّيالي فأمــــــــــــــــــسى وقدها خمدا

رفّت فراشة روض أمـــــــــــــطرته ــ وقد
طاب الرّبيع ــ بــــــــــــــــــواك ذرّفت أمدا

يا بردها حينما مـــــــــــــــرّت على ظمئي
ظلاّ ظليلا وأشــــــــــــــــــواقا شذى وندى

كانت ربيعا وروحـــــــــــــي صيف مقفرة
راح الهجير على أرجــــــــــــــائها وغدا

وكان ثمّة بقــــــــــــــــــــــيا لست منفقها
أو أستبين عمود الصّــــــــــــبح ما وعدا

آلان؟ بعد ربيع العمر ما انــــــــــحسرت
عنه الأماني وأضــــــــــــحى زهره بددا

تأتين يا بهجة الدّنــــــــــــــــــيا ورونقها
ويا منارا على الإدلاج قـــــــــــــــد وفدا

تأتين يا ريّ حرّان قــــــــــــــــضى ظمأ
رغم الينابيع من عينـــــــــــــــيك ما وردا

رغم اخضرار الأمـــــــاني خلف بحرهما
ما عاد لي مركـــــــــــــــب أزجيه مبتعدا

قد أتلف الجوب مجــــــــــدافي وأشرعتي
وهدّ من عزمتي الإبــــــــــــــحار منفردا

مذ حدّثتني عوالي النّجم عـــــــــن وطني
هممت بالشّوق…لا، بل هـــــــمّ بي غردا

أنفقت عمري إبحـــــــــــــــــارا إلى حلم
في الرّوح تصنــــــــــــــعه الآمال منتقدا

كانت أمانيّ أدنـــــــــــــــــــــاها وأبعدها
أنّي أقول للمح الـــــــــــــــــبرق علّ غدا

حتّى إذا اجتمعـــــــــــــــت مزني تعقّبها
للرّيح سار أبت عــــــــــــــــــــاداته سندا

مارت فسيقت غـــــــــماما مخصبا هطلا
ما كان أحــــــــــــوج أن نسقى به مددا

هبّت على خــــــــاطري الآلام عاصفة
عصف السَّـــموم على معشوشب رَغَدا

يا راحل الغــــــــــيث مهلا إنّني ظمئ
لا تأخذنّي بـــــــــــــــــــــما لم آته قودا

هبني تنجّس بالصّمت الـــــــمريب فمي
فإنّ لي بعض عذر أن كـــــــــــففت يدا

وإن لي بعض عذر أنّ قافيـــــــــــــتي
لم تتخذ من مهاوي الرّجس ملتـــــــحدا

لست المقسّم هذي الأرض أروقـــــــــة
ولم أقرّب لعزّاها جــــــــــــــــــــدًا أبدا

ولا جمعت كنوز الأرض في طـــــــبق
ولا هرعت بها للــــــــــــطّامعين سدى

يا كم تبوّأت للسّقيا مــــــــــــــــساقطها
حين انتحيت ارتقاب الغيث مقــــــــتعدا

أنفقت عمريَ إبحارا إلى وطـــــــــــــن
لا مثل أوطانــــــــــــــهم مملوءة رصدا

أو مثلما يصطفي البـــــــــهتان في حقب
من الأراجيف أشــــــــــــباحا علت زبدا

ثمّ انثنيت لصحــــــــــرائي وما اكتنزت
ممّا تضيق به الأرجـــــــــــــــاء مطّردا

وعشت أقطع منها حين شـــــــــــــاردة
بكرا من الأرض أعلي أسّها عـــــــمدا

فأبتني لي فـــــــــــــــــــيها بدعة وطنا
علّ الأمانيّ تعطـــــــــــــيني الذي فقدا

أصوغ من خفقات الـــــــــــــــقلب آيته
ومن ضلوعي احتضانا مورقــــا ومدى

ذاك الذي ابتدعت روحي معـــــــــالمه
فانهلّ من ذوبها ريّان مبتـــــــــــــــردا

لم يصطفوني ولم أختر سوى وطـــني
ولا هواي ارتضى إلاّه لي جــــــــــسدا

لم ينصفوني ولم أعبأ فلي وطـــــــــــن
أسكنته من ثنايا الرّوح مغــــــــــــــتمدا

فما دنت ديمة سحّاء عابــــــــــــــــــرة
إلاّ هتفت انسكب يا غيث، فانعقـــــــــدا

ويا هبوب الصّبا راوح شواطئـــــــــــنا
ويا أريج الخزامى عطّر البلــــــــــــــدا

أبحرت عبر المدى أختار زخـــــــــرفه
وأنتقي من بديع اللّون ما انـــــــــــتضدا

حتّى نسجت المنى في ثوبه ضـــــــــربا
وقلت يا آية الأيّام من شـــــــــــــــــــهدا

وطاف بي واختلاج الحرف صاحبـــــنا
فملت أنسج من آياته بــــــــــــــــــــــردا

وقد تزاحمت الأوجاع يا سكــــــــــــــني
فالآن بورك حرّ الحرف متّــــــــــــــقدا

أضرمه يوقد سلاما ربّ مضطـــــــرم
بالشّوق لولا اشتعال الحرف ما بــــــردا


جمال الصليعي
دوز ــ ربيع 1992





1 ــ مقطع بالدارجة المحلّيّة

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات