تحت عنوان ربح الأموال وتخفيض المصاريف و أحكام التصرف وكذلك بدعوى محاربة الفشل المدرسي تم اتخاذ قرار شعبوي لا يصدر عن " عقل " بل هو مجرد " فلتة من فلتات الدهر " تمثل في غلق مدارس صغيرة وتجميع التلاميذ في مدرسة واحدة لوضع حد لنظام الفرق وتحميله مسؤولية (الفشل ) منذ بدء التربية والتعليم ... وجاءت العملية الاستعراضية مرفوقة بحملة دعائية زائفة تروج لما يسمى مشروع فاطمة للنقل المدرسي.
قرار بمثل هذه الخطورة يمر في صمت من مجلس نواب الشعب ( المغلوب على أمره ) و يتم الترويج له - في اعلام موجه نحو الدعاية- له كمثال على " حسن التصرف " .في حين ان تبعاته بالغة الخطورة .
تزامنت هذه الإجراءات الهادفة لغلق عديد المدارس ( الصغيرة ) مع عمليات ارهابية حدثت في مناطق جبلية كالشعانبي و سمامة وورغة وأخيرا جيل مغيلة حيث تمت تصفية الارهابي ( ابو القعقاع ) في منطقة عين زيان 2 من معتمدية سبيبة ولاية لقصرين .
ان المدارس الريفية في الاحراش وفي سفوح الجبال وفي الغابات مسألة أمن قومي قبل ان تكون مؤسسة تربوية نعالج قضيتها من خلال الربح والخسارة ، فهي محط امل للسكان يرتبطون بها وتشدهم إلى قطعة الارض يسكنون فوقها ويبنون منازلهم فيها ويتفاخرون بالغابة و يحتفلون برعي الأغنام و تربية النحل ... تشدهم المدرسة التي يرتادها ابناؤهم وينتظرون تعبيد الطرقات ومد الجسور و تهيئة المشاريع التي تساعدهم على مزيد التجذر في الجبال والغابات والهضاب ...
هم ينتظرون خدمات صحية افضل حيث يصل اليهم الطبيب المختص و المهندس الحاذق و الفنان المبدع ...هم ينتظرون من يساعدهم على التجذر في أرضهم فتتولى الدولة ورأس المال الوطني مساعدتهم على ترويض الطبيعة فيزداد الناتج كما وكيفا ... هم ينتظرون ازدهارا يحيي تلك الربوع المنسية فينجذب إليها شباب تائه بين هجرة لاشرعية نحو الشمال الأوروبي أو هجرة مدفوعة الأجر نحو بؤر التوتر ...هم ينتظرون خدمات إضافية إلى جانب المدرسة كالمستوصف والمكتبة والمسجد والمصنع مخزن التبريد و مركز التجميع لكل إنتاج يجتهدون للحصول عليه من براثن الصخور .
لكن ما لكم لا تعقلون فتغلقون المدارس في الغابات والجبال ؟ .... الا تدركون النتائج المدمرة ؟ . ..
ان إلغاء أسباب تواجد السكان بتلك المناطق العزيزة الغالية من تونس يبدأ بإغلاق المدرسة التي يرتادها الأبناء والبنات ،إذ سيفقد المواطن مبرر وجوده في سفح الجبل او في الغابة لينتقل إلى مكان آخر قريب من المدرسة الجديدة التي نقلتم إليها ابنه او ابنته ... وبذلك عملتم على إخلاء فضاء حيوي من سكانه وتركه مشاعا للإرهابيين المجرمين هي يتخذوه موطنا .
ان خطة متكاملة للتنمية الشاملة للمناطق الحيوية والعافية وللحدود مع الجزائر وليبيا مسألة أمن قومي مصيري الشعب التونسي لا يمنع معالجتها بغلق مدارس ريفية بحجة ( إلغاء نظام الفرق ) لان التجربة تكذب أن يكون نظام الفرق سبيل الفشل المدرسي وهاتوا احصائياتكم ان كنتم صادقين ...
نعم ثمة كلفة مادية ويمكن توفير بعض الدنانير بمثل هذا الإجراء الأرعن المرتجل لكن لكن لكن تناسيتم البعد الأمني لسكان تلك المناطق كما حكمتم على ( إجهاض ) حلم تنمية شاملة لتلك الربوع الجميلة والجذابةالتي وعدها دستور 2014 بتمييز ايجابي ولكنكم تنكرتم لتلك الوعود بهذا الإجراء ..... ولله في خلقه شؤون .