لماذا الشّعب منسي؟

Photo

يعرف القاصي و الدّاني أنّ هذا الشّعب آمن بالحرّية، و اختار نظاما سياسيا يقطع مع ألاستبداد و أنهى عصبية المسؤول و عصمته و ألوهيته، فهو بشر يخطيء و يصيب. وليس قابلا للتغوّل. بل يستمدّ شرعيته من الدّستور الّذي وضعه نواب الشّعب. و يمكن عند الاقتضاء الاستغناء عنه لتجاوز صلاحياته.

و ذهب الشّعب إلى صناديق الاقتراع، و انتخب من رآهم الأصلح لتمثيله. وهذا دأب الدّيمقراطيات الرّاسخة في الحكم و المبتدئة. وكشف الانتخاب عن مجموعات حزبية لم يحدث بينها انسجام ظاهر ولكنها اختارت مصلحة البلاد، و تآلفت طوعا أو كرها.

اليوم تريد زمرة لم يصوّت لها الشّعب أن تشارك في حكم البلاد. بأي حقّ تطالب؟ ماهي مشاريعها؟ لماذ لفظها الشّعب؟ و العجيب تسوّق لنفسها منقذة؟ منقذة من ماذا؟ هل تغيير الشّعوب يحدث بجرّة قلم؟ أو بعكاظيات كلامية فارغة من كلّ مضمون؟

كل العارفين يحتاجون إلى حرابش فهم كي يقبلوا بهذه الوقاحة. الشّعب اختارا وعلى من اختارهم أن يواصلوا تسيير البلاد. و أمّا الاحتياطون فعليهم أن يشمّروا على ساعد الجدّ و النزول إلى الميدان و التفاعل مع الشّعب لينتخبهم.

الشّعب ليس رعيّة يتحكّم فيها مسؤول يرى نفسه كاشفا لغيوب السّماء، و لقد أظهرت كلّ الممارسات السّابقة للحكم أنّ احتقار صوت الشّعب و الاستهزاء به كلّف هذه البلاد خسارة في التنمية و تخلّفا في التعليم ، و انهيارا في القيم.

لمن القول الفصل؟ لا يمكن أن يكون للقوى المحتكرة أن تستأسد أبد الدّهر، فهي ستخسر عاجلا أم آجلا. و الأزمات مهما عظمت لا يمكن الخروج منها بالمسكّنات القمعية أو الهروب إلى المديونية.
فالعصا لم تكن حلاّ، و يمكن أن نعتبر محاكمة الرّئيس التشادي علامة فارقة في محاسبة المسؤولين مهما طال الزّمن. و أمّا المديوينة فهي لا تغرق الوطن في وحل الاستعمار فقط، بل تكون وبالا على الجشعين و مصاصي دماء الشّعب قبل غيرهم.

يجب أن يكون الشّعب هو منصّة الثبات متى وقع حوار شامل يقدّم إليه حقيقة الوضع الاقتصادي و الاجتماعي و السّياسي، و سيفهم كلّ مواطن أنّ مساهمته في إنقاذ بلاده ستعود بالنفع على أبنائه و سلامة بلاده. و الحلول متى كانت نابعة من حبّ هذا الشّعب و العمل لمصلحته فستؤدّي إلى إبعاده عن مساوئ الذّل و فساد المتغطرسين وفاقدي الدّراية بضمير الشّعب و حقيقة العيش الجماعي.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات