نعم مهبة قدرها 400 دينار بمناسبة عيد الإضحى. الأمر يخص 12288 عون حسب إحصائيات 2015 هم العاملون في الشركة التونسية للكهرباء والغاز. بمعنى أن المهبة ستكلف المجموعة الوطنية حوالي 5 مليارات. وقد أصدرت الجامعة العامة للكهرباء والغاز بالمناسبة بتاريخ 27 جوان الجاري بيانا نشرته على صفحتها على الفيسبوك بشرت فيه منخرطيها بالحصول على تلك المهبة، بما سيمكن مكتبها "المناضل" من التفاخر في المؤتمرات القادمة الخاصة بالقطاع بأنه -كما ورد في البيان- قد حقق لهم "إنجازا تاريخيا" وأن ذلك ليس إلا "بداية لغيث عام" نافع، نعم هي مجرد "بداية".
فليكن اقتصاد البلاد حيث نعرف، فالأمر حسب ما يبدو لا يزعج أحدا هنا، وليكن عدد البطالين ما يكون فالاتحاد لا يعنيه أمرهم بقدر ما يهمه موظفو القطاع العام، ولتكن نسبة التنمية دون الصفر حتى، المهم أن البعض قد "ناضل" وحصل على مطلبه "المشروع".
لكن الأكيد أن أعوان الستاغ ليسوا أحق من غيرهم من بقية موظفي القطاع العام بمهبة مماثلة، دعنا ممن لا مسمار لهم في حيطان الدولة من بطالين وفقراء وفاقدي سند، ولا حتى عمال الحظائر، هل يصمت الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يقوم على مبادئ المساواة والعدالة عن خوض "نضالات" مماثلة من أجل تعميم هذه المهبة على بقية القطاعات؟ هل تصمت بقية الجامعات النقابية عن تمتيع منظوريها بمنحة مماثلة وتحقيق "إنجاز تاريخي" مماثل يصلح لها يوم المؤتمر؟ المسألة مبدئية هنا.
الجامعة النقابية للستاغ تعرف أكثر من غيرها أن شركة الستاغ تسجل خسائر منذ سنة 2008، وأن الترفيعات المتتالية في أسعارها لم تستطع أن تسد تلك الخسائر المتراكمة، والدليل أن دعم الدولة لها بلغ إلى سنة 2013 ما قيمته 2700 مليار مليم. وأمام هذه الوضعية التي غدت هيكلية، هل تصمد الشركة أمام مشرط الخوصصة؟ وأي معنى لما ورد في خاتمة بيان الجامعة النقابية المذكور من قول "عاشت الشركة التونسية للكهرباء والغاز شركة عمومية في خدمة الشعب والبلاد"؟ وهل بقي لها هامش للتنفس حتى تعيش كمؤسسة عمومية؟ وهل بإمكانها أن تصمد أمام من يخطط سرا وعلانية لتفكيك ما بقي من مؤسسات القطاع العام في بلادنا؟ نشير في هذا الإطار إلى الندوة التي انعقدت بباريس في أفريل الماضي واحتضنها ما يسمى "فضاء الكفاءات التونسية" (اسكت ESCOT) بحضور أحد مستشاري المهدي جمعة. وقد أشار في مداخلته إلى غياب القطاع الخاص في ميدان إنتاج الكهرباء. وأن شركة الستاغ تشكو العجز منذ 2008. وهل يتطلب الأمر تقديم استنتاج؟
وإزاء ذلك ما الذي أعدته الجامعة النقابية للستاغ من أجل حماية الشركة من الخوصصة؟ هل أن ترسيم ذلك ضمن مطالبها كاف لوحده حتى تبقى الستاغ شركة عمومية؟ وهل يمكنها بالفعل أن تبقى كذلك مع استمرار عجزها وتراكم خسائرها؟ العمل النقابي يمكن أن يحمي القطاع العمومي، لكن ذلك يتطلب رؤية جديدة غير متوفرة إلى حد الآن.