هذه قولة شهيرة تتناقلها الأجيال عبر الزّمن بحاشيتها و بطانتها و بعلمائها و رعاعها. وهي اختزال شديد لفهم عمليّة انتقال السّلطة. فالملك أو الباي أو الرّئيس هو طالع سعد على الرّعية، وما عليها إلا تقبيل الأيادي لقاء رضائه. و حتّى إن حدث تنازع دموي للتّسلّط على رقاب الرّعاع فهم ينتصرون إلى الغالب القاهر مهما كانت مواقفهم السّابقة، فيسلمون من التنكيل و التشريد و التمثيل. وهذا المثل التميمة هي تعوذة النّجاة من شرّ غاصب و ترضية لنفس هائجة ثائرة.
يرسّخ هذا المثل و غيره قناعة عند العامّة الخانعة بأنّ الحكم لا يكون إلاّ فرديّا قدريا، وتبقى الشّعوب الّتي يتسلّط عليها الأفراد تنتظر القائد المنقذ أو المرشد المنير أو الرّجل الوطواط ليباشر همّا ثقيلا وهو رزية النفوس الخاملة فيحرّكها بالعصا الجارحة أو العقول الطّامحة فيكسر أجنحة طيرانها إلى عوالم لا يفقهها عقل كهنة السّلطة.
و لا ينحسر هذا المثل عند حدود القائد الفذّ؛ بل هو سيرورة متّبعة في التّنظيم السّياسي فيصبح فشل محبوب الشّعب إلى عملية فداء شرعية يفتديه فيها وزير أو مدير أو غفير. فيكون إخراج المسؤولين بدعوى عدم فهم لتوجيهات القائد وهو سبب الهلاك و دوام الفقر و معصيّة العامّة وغضب الحاشية.
متى يصبح الشّعب قادرا على قطع إصبعه قبل غمسه في بركة الفساد و الفاسدين؟