بين الانكشارية في تركيا.. والمخازنية عندنا

Photo

قنوات الانقلاب المصرية زائد قناة ”الميادين“ وقناة ”العالم“ الإيرانيتين كانت تزغرد لمحاولة الانقلاب في تركيا. الأمر أقل نوعا ما على قناة فرانس 24 دون اختلاف كبير في الجوهر. نفس الشيء بالنسبة لقناة "العربية". كانت جميعها قبضة واحدة. أنصار بشار في دمشق يطلقون النار ابتهاجا. المحللون التابعون لمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية كذلك بدوا مبتهجين على قنوات البي بي سي وفرانس 24 وغيرهما، قال أحدهم إن الانقلاب يجب أن يكتمل وإلا فإنها الحرب الأهلية. محللة مصرية أخرى قالت إنها تنبأت بالانقلاب وأنها كتبت هذا في أطروحتها. الثورات تصدر الثورات وأم الدنيا تصدر الانقلابات.

كثير من التونسيين، كانوا على نفس الخط، تحدثوا في الساعات الأولى عن "ثورة الجيش موش انقلاب"، وعن أن "دعوة إردوغان للنزول للشوارع بداية حرب أهلية وأنها أسوأ من الانقلاب"، وعن "أن سقوط أردوغان يعني نهاية داعش"، و“ طاح فيهم الاسد لحمو مر ”، و“ يا رب ينجح الانقلاب يااااااااااااااااااااااااااااااااااا رب“ (كذا)، و“ ارودغان يصرخ ويطالب العالم بمساندة الشعب التركي أمر مظحك“ (كذا)، و“إيَّه قلبي برد“، و“ الربيع يلفظ أنفاسه الأخيرة...وسيدفن في تونس باذن الله...“ [1400 إعجاب]... تعليق آخر محتواه ”وليييييييييييييييييييييييي قالوا كرة وبطولة هاي الاهداف والا يا بلاش“ (كذا).

دون الخروج عن لغة الكرة أقول بأن هؤلاء كلهم سقطوا في التسلل. نعم، لقد فشل الانقلاب. الكثير من المدونين والمعلقين عادوا هذا الصباح ليمسحوا من صفحاتهم تعليقاتهم المستبشرة بالانقلاب. إخفاء للفرح الخاوي، ولكن بالتأكيد درءا للتقريع بعد أن انكشف حالهم، فإذا بهم من ضحايا المحاولة الفاشلة. لقد تأكدنا أنهم يؤمنون بأن الجيش هو أول وآخر وأهم مؤسسة في الدولة. نكتشف خاصة أن الديمقراطية عندهم هي مجرد شعار للإغواء والإغراء. وبسبب ذلك ها أن الأسف يعتصرنا من أجلهم هم ومن أجل الديمقراطية التي نتبين اليوم أنهم سبب في تأخرها عندنا.

أما أردوغان الذي يركزون عليه في خطابهم، فأعترف أن صورة الزعيم التي يبدو عليها تزعجني أيضا، إلا أن الديمقراطية هي التي جاءت به. كذلك الخشية أن هذه المحاولة ستمكنه من الآن فصاعدا بأن يتحول إلى ما يشبه السلطان. هذا شيء مزعج حقا. لأن الشعب هو الأصل، والزعماء مارّون. والدليل أن الشعب هو الذي وقف في وجه الدبابة ليثنيها عن الانقلاب على الديمقراطية.

والأكيد أن التاريخ سيسجل للشعب التركي هذا اليوم كيوم تاريخي حقيقي، عندما خرج ليس دفاعا عن أردوغان، وإنما دفاعا عن الحرية وعن الديمقراطية وعن الإرادة الشعبية. الأحزاب السياسية التركية أيضا لم تساند الانقلابيين، ولم تستغل الفرصة للقضاء على منافسها. سيسجل لها التاريخ ذلك. بمعنى أن الديمقراطية مبنية على أسس قوية، ولذلك فهذه ستكون آخر محاولة انقلابية في تركيا. من الآن فصاعدا لن يتدخل العسكر في الحياة السياسية مثلما قام بذلك سابقا منذ 1960. انتهى عهد الانكشارية في تركيا. الانقلابات تنجح في البلدان المتخلفة.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات