الإنقلاب ينجح فقط في عقول مثقفيه و عبيده و مُهرّجيه.

Photo

"فطيورهم معيز و لو طاروا" و نتيجة الرغبة العميقة الضاربة في أعماق أعماق مناطق الظلام في نفوسهم التي لم يتركوا لها لو فتحة للتنعّم و لو بالقليل من النسمات الرقيقة و الشذيّة و للتحرر من الخدمة المجانيّة و المذهبة للكرامة وماء الوجه للأصنام التوتيليارية و المشاريع المجهضة للعزة والحرية الحقيقيّة مع شبق مفعم بالسواد و المازوشيّة ثُكثِّف في بواطن نفوسهم مع الزمن اختلال بين ميزان المبادئ العامّة و المصلحة الآنيّة الضيّقة…لذلك تجدهم ينفقون مروءتهم و بعض المصداقيّة ان بقيت لديهم بأرخص المتاع ( مناصب -وجاهة -مال…) و رغباتهم الدفينة لا تلبيها إلاّ تكديس المنافع الدنيويّة الظاهرة و الباطنة…و لهذا يتحوّل المثقف من دوره العضوي داخل منظومة الإستبداد و التشريع للإستبداد و لو عن طريق الإنقلابات المُتَخَيَّلة إلى فصيلة من العبيد المركوبة من ظهورها و ذات الشفاه الغليظة التي تقطر لعابا لزجا و نتنا مع افرازات كريهة من جميع الفتحات التي انعم الله (الذي حرّرهم إلا من عبوديته) بها عليهم…

هذا حال مثقفي السلاطين و الإنقلابات …فما بال العبيد يستحلّون فروجهم و ذاكرتهم و نعمهم و عقولهم واراداتهم ليقعي فيها مستبدّ ظالم أو عسكري جاهل و لئيم…فما بال هذه الفصيلة ينفقون أرواحهم ليجعلوها مَبْوَلَةً لأسيادهم و ما بالهم إن لم يجدوا إناءً قصديريّأ قدّموا أكفّهم ليبول فيها الطاغية…و ما بالهم إذا بال الطاغية و أرانا سوءاتهم يجعلون أجسادهم كساتر ترابي ليواروا عنه سوءاته وسيئاته…و حقيق عليهم إذ استمرأوا ذلك أن يقدّموا فلذاتهم و أهاليهم كظعائن أو كبنات فراش لأسيادهم…

و صدقا قال فيهم سيّد قطب "" العبيد هم الذين يهربون من الحرية، فإذا طردهم سيد بحثوا عن سيد آخر، لأن في نفوسهم حاجة ملحة إلى العبودية لأن لهم حاسة سادسة أو سابعة.. حاسة الذل.. لابد لهم من إروائها، فإذا لم يستعبدهم أحد، أحست نفوسهم بالظمأ إلى الاستعباد، وتراموا على الاعتاب يتمسحون بها، ولا ينتظرون حتى الاشارة من إصبع السيد ليخروا له ساجدين . العبيد هم الذين إذا أُعتقوا وأُطلقوا، حَسدوا الأرقاء الباقين في الحظيرة، لا الأحرار المطلقي السراح، لأن الحرية تخيفهم، والكرامة تثقل كواهلهم، لأن حزام الخدمة في أوساطهم هو شارة الفخر التي يعتزون بها ولأن القصب الذي يرصع ثياب الخدمة هو أبهى الأزياء التي يتعشقونها.""" و الأروع ما قاله المتنبي فيهم """

صــار الخَـصِـي إِمــام الآبِـقـيـن بِـهــا *** فـالـحُـر مستـعـبَـد والـعَـبـدُ مَـعـبُـودُ
نـامَـت نواطِـيـرُ مِـصـرٍ عَــن ثَعالِـبِـهـا *** فقـد بَشِـمْـنَ ومــا تَفْـنـى العناقـيـدُ
الـعَـبـد لـيــسَ لِـحُــرٍّ صــالــحٍ بــــأخٍ *** لَــو أنــهُ فــي ثـيــابِ الـحــرِّ مـولــود
لا تشـتَـرِ الـعَـبـد إلا والـعَـصَـا مـعــه *** إِن الـعَـبِـيــدَ لأنـــجـــاسٌ مَـنـاكــيــد """".

أمّا المهرّجين فحالهم أسوأ من المثقفين و اردأ من العبيد وهم كثر أوطاننا العربيّة خصوصا في ميدان الثقفوت و الصحافة والإعلام و المؤسسات و الجمعيات…وهم في الخدمة و على عجل لتقديم أهازيج ومونولوقات الإضحاك الرخيص للمستبد الجاهل أو للمستبد المتعلّم …واكتسبوا قدرة فائقة على تغيير الجلود و الأكف و حتى خلق الله من أجل مشاهدة و لو ابتسامة مخادعة وصفراء لأسيادهم..تكفيهم مؤونة يومهم ولو بالنقصان لتقديم أجسادهم كتراب من أجل إخفاء براز مالكيهم… فالمهرّج يرضى أن يُخصى و لا يرضى العيش لحظة دون لقيمات من أحجار ناريّة يُلقمها له سيِّده…

وكلّ من المثقفي الصفر و الحمر و عبيد البيادة و الفكاكة كما يقول المصريون و مهرّجي اسطبلات النخاسة…كلّ هؤلاء دون استثناء كانوا يغنون و يهزجون الأهازيج و يصلون من أجل استدامة إنقلاب فاشل و غبي على نمط استدامة رمي بشارالبراميل الناريّة على المدارس و المستشفيات و الأسواق و العمارات من أجل استدامة حكم عائلة أو طائفة أو حزيب أقلّي…لا لشيء سوى التعوّد على أكل الشواء على أجساد معارضي القطيع في اسطبلات القومين أو الماركسيين أو المتأسلمين أو الليبيراليين أو العسكريتاريا المجنونة بمتديّنهم أو علمانيّهم….و تبّا لمثقفي الإنقلابات وعيده و مهرّجيه فهم خناجر صدئة في خاصرة الأوطان و الشعوب الحرّة..

…لاتشتري العبد إلاّ و العصا معه…

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات