بعد أن نصحني أحد زملائي التوريستيكات وهو مثلي قدم من الزيرو ويت، بالتوجه إلى مدينة سوسة إذا أردت أن أظفر بتوريستيكاية شقراء من أوروبا الشرقية، تركت المدام وبنتيّ على شاطئ المنستير، وطلبت من أحد التاكسيستية أن يقودني رأسا إلى مركب القنطاوي لأظفر بتوريستيكاية شقراء، فعزمت أن أفوز بها أو أموت دونها، فوضعت قبعتي الافرنجية، ونظارتي السوداء، ورسمت ابتسامة بلهاء على شفتي، وبمجرد ان حللت بالقنطاوي رحت أرطن بعبارات افرنجية هي مزيج من كل اللغات الاوروبية المعروفة وعيناي تتصفحان الوجوه بحثا عن بغيتي، حتى لمحت احدى التوريستيكات تسير بمفردها في أحد الانهج المؤدية إلى نزل معروف، صرخت كما فعل عمّنا "ماجلان" عندما رأى الارض، واتجهت لها رأسا،و كرّرت على مسامعها نفس الجملة التي كان يعتمدها المنصف ولد عمي عندما يريد "تطييح التوريستيكات" في البلاد العربي:
Donnez-moi une cigarette svp
ولكن لم يبد على التوريستيكاية أنها فهمت عني فأعدت عليها الجملة مرفوقة بإشارة من يدي وابتسامة عريضة، فأسرعت صاحبتنا الخطو، وقد بدا عليها التوجس والخوف، فخاطبتها مستجديا:
Ne crains rien de moi, je suis touriste comme toi, mais moi du kef et toi de l'Europe
ولما لم أفلح في طمأنة صاحبتنا التوريستيكاية فقد استعنت بحارس النزل ، بعد ان نفحته بعشرين دينارا "هي كل المكسب" وشرحت له كل نواياي فشبع ضحكا حتى كاد يخرج عن طوره، وأدخلني الى باحة النزل وطلب مني أن أطلع على قائمة الاسعار مبينا لي ان العشرين دينارا التي في حوزتي لا تكفي أن "تشرب قهوة للتوريستيكاية" حتى لو ظفرت بها، ناصحا إياي أن أعود للدوار هناك في الكاف وأبحث عن عربية "على قدّي"..
قبلته على جبينه وعدت الى المنستير أجرجر أذيال الخيبة، بعد ان اتضح لي أنّ "فلوس الشهرية والاوتيد والسوايع الزايدة" لا تكفي كلها لتجعلني ألبي رغبات توريستيكاية شقراء واحدة، وأنّه خير لي أن "نلعب في حومتنا" وان أترك التويستيكات الشقراوات لمن يملكون المال..
وطلبت من الحارس أن يرجع لي ثمن تاكسي العودة وأن يكتم علي ما حصل !