حصاد الهشيم....

Photo

التربة الثقافيّة العربيّة (في الفضاء الإجتماعي) غنيّة جدّا بالمواد المعدنيّة والعضويّة التي تلائم نموّ وتغذية العقول الإنقلابيّة... وخصوبتها تعود لكون هذه التربة مهملة وتفتقد العناية والاهتمام والحرث والتهوئة والتسميد... ممّا يجعلها فريسة للنباتات الشوكيّة والسامة و الطفيليّة... وما مرور هذه الأرض بحوالي 13 قرن من الاستبداد و سلطنات الغلبة و الافتكاك و السيطرة بقوّة السلاح و المال و العشيرة في غياب لأصول أساسية من أصول الإسلام المتمثّلة في العدالة و الشورى و الحكم بالحق و لو على النفس…

وهذا يبيّن الخروج الطوعي للأمم من فضاء الأمم الرائدة و الفاعلة إلى أمم و شعوب خانعة و متذيّلة تنفق الجهد و العقود في ترميم الإخلالات الداخليّة والتدمير العشوائي و الممنهج لكلّ الطاقات و الخيارات التي تتلمّس بدايات السير في طريق التحرّر و العمل من أجل الريادة...و لأن هذه العقول منتشرة ظاهرا وباطنا و سلوكاتها تستبطن الروح و العقل الباطني مع الذاكرة المكلومة من البغي و الإستبداد...إضافة لتعوّدها على هذا النوع من المغذيات التي تنتشر خاصّة بتتالي الاخفاقات و الإجهاضات…

فإن إصلاحها و إعادة الحس الإنساني المدني لها يتطلّب عملا مؤسساتيّا مضنيا و رادكاليّا لكنّه متمهّل و يرتكز على تبويب المسائل حسب الأولويات و حسب القدرة و المصلحة و فائدتها و مضرتها…

• فدرء المفاسد مقدّم على جلب المصالح.

• و تقديم الخدمة و المنافع للناس مقدّم على تقديم الفكرة و الايديولوجيا.

• و اعتبار المواطنة الحد الأدنى المشترك مقدّمة على الروابط الجهوية و القطاعيّة و الدينيّة .

• و اعتبار أن امتهان كرامة الناس ( مهما كان اعتقادهم) و اغتصاب حقهم ( الدم والمال و العرض و الانتخاب و الاختيار و العمل و الرعاية الاجتماعيّة...) هو اغتصاب ممنهج لقدرات المجتمع وسطو غير مسلّح و ناعم على مستقبل الوطن و ابنائه و على تراثه المادي و اللامادي.

و هذا لن يحصل إلاّ بعقل استراتيجي و براغماتي لكنّه فاعل و متجذّر ويتميّز بملكات و خصال و ميزات كثيرة مثل التحمّل و الصبر و التضحية و الحِلْم و الحكمة و الوفاء بالعهود والعقود ولو كانت على النفس أو الجماعة مع فهم السنن الإجتماعية و الكونيّة و السياسيّة و الإعداد الجيّد و الإلمام و الإحاطة بكلّ الزواريب و مناطق الظلّ و الظلام و تفرعات اخطبوط الدولة العميقة و مكامن مصالحها و منافعها و أماكن ضعفها و قوّتها و درجة خطرها و تمدّداتها و علاقاتها المتشعّبة مع الداخل و داخل الداخل و الخارج ولنا في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلّم و الإتعاض من تجارب الإخفاق و القصور لكلّ الجماعات و المجموعات الإسلاميّة العربيّة في تسابقها الفطري نحو الحكم طوال العقود الماضيّة و الذي أدى بها للتآكل الرمزي و المادي الداخلي نتيجة استحضار عقلها الريعي و الخيري بعقال و قميص و برنامج كشفي أو برنامج لرحلات عمرة لإدارة دولة في فضاء معولم و تتحكّم في قوى ظاهرة و خفيّة و عابرة للحدود الجغرافيّة و القوميّة و السياسيّة و العقليّة و حتى القيميّة و الاخلاقيّة كمشهد كاريكاتوري لمتسولف بقميص و حذاء نايك و سيارة توارغ و آخر صيحة من الهواتف النقالة وسندويتش هامبرغر مع أظافر متسخة... و يمنع أهله من مشاهدة التلفاز التناظري في قاعة الجلوس…

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات