ليس كبش نطاح. ربما سبق للبعض أن فكر في أن يجعله كذلك عندما ورد اسمه لأول مرة كرئيس للحكومة، ولكنه لم ينطح. إلا أنهم جميعا هذه المرة يريدون له أن يكون كبش فداء لا أكثر ولا أقل. يتحمل أوزارهم ويداري فضائحهم وخنارهم.
ونحن في تونس نتذكر أن بورقيبة، لجأ إلى هذه السياسة العديد من المرات. يكفي أن نذكر هنا أحمد بن صالح عام 69 وإدريس قيقة عام 84. النجاح يُحسب له، والفشل يُعلّق بأحد المقربين منه حتى يستمر هو في الحكم بما مكنه من البقاء في الكرسي أكثر من ثلاثين عاما. بمعنى أن كبش الفداء عادة ما يذهب بمفرده، ويقع تحميله كل الأخطاء وكل المصائب.
الحبيب الصيد هو كبش الفداء هذه المرة في ظل الفشل المدقع، والواقع أن هذا الفشل يُحسب على جميع الأحزاب الداعمة له، يكفي أن نتذكر أنها صوتت لفائدة حكومته أكثر من مرة بأغلبية ساحقة. وبالتالي فهي تتحمل مسؤولية الفشل. لقد انتهى زمن القرابين، أيها الزعماء.
الغريب في المشهد، أن يكون الصيد كبش فداء أيضا لوزرائه، الفشل له، والنجاح لهم. فيذهب هو ويعودون هم في الحكومة القادمة. والمفترض أنهم يتقاسمون الفشل، ليس من باب التضامن الحكومي، ولكن من باب دورهم الفعلي في صناعته. ويمكن أن نعدد الفضائح التي يجرجرونها، والتي ستكتب عليهم بأسمائهم وألقابهم:
• الوزير الذي سيؤسس وكالة الناموس (نجيب الدرويش-الوطني الحر).
• الوزير الذي ينوي إقامة منتجع سياحي على سبخة السيجومي (محمد الصالح العرفاوي-مستقل)
• الوزير الذي وراء الصفقة المشبوهة لشراء شركة غو مالطا (نعمان الفهري- آفاق تونس).
• الوزير الذي أعلن أنه أضاع وثيقة القرارات بخصوص اللوالب المنتهية الصلاحية (سعيد العايدي- نداء تونس).
• الوزيرة التي مزقت أكبر علم في تونس وتركته في الصحراء (سلمى اللومي، نداء تونس).
• الوزير الذي عليه ملف فساد بشهادة رئيس الحكومة نفسه (ياسين إبراهيم- آفاق تونس).
• الوزراء الستة الذين تواعدوا والتقوا لتدشين... مقهى، تعود ملكيته لأحد أعضاء حزبهم نداء تونس.
والقائمة تطول. فقط يمكن أن نضيف إليها فضيحة نوعية تناسب مكانة من كان سببا في إقالة الصيد، ألا وهو السبسي الابن الذي تدخل لدى بنك الإسكان الحكومي من أجل حصول قناة العائلة، نسمة، على قرض، بدون ضمان، يساوي مليارا.
كل هؤلاء يراد من الصيد أن يكون لهم كبش فداء. ننسى فضائحهم وعجزهم وصلفهم. كلا. انتهى زمن القرابين. بقاؤهم هو خميرة فشل الحكومة القادمة.