الشّعب يريد أن يفهم
يوم السّبت قال البرلمان كلمته:
حكومة فاشلة. رئيسها فاشل. وزراؤها فاشلون.
الشّعب : صدّق ذلك وقال : آمين.
يوم الأربعاء:
أحد الوزراء الفاشلين في الحكومة الفاشلة يصبح مكلفا بتشكيل الحكومة الجديدة.
إذن
ماهو نوع المشروب الرّوحي غير المحرّم الّذي يساعد على هضم هذا الخبر؟
استطاعت الخبرة بالحرب الخاطفة أن تعجّل باسم الوزير المكلّف بالحكومة الجديدة. و وقع الجمع الغفير تحت هول الصّدمة المفاجئة، فالرّجل غير معروف إعلاميا، ولم يشهد له بنك النّضال الاستبدادي بدور بارز. أفاق المتابعون للشأن العام على حقيقة وهي انتهت الأحلام الثورجية.
و يبدو أنّ السّرعة القصوى في تسمية الوزير المكلّف أربكت عديد " الملاعبية" المعروفين بالبطء مع الثرثرة الزّائدة. و أزالت مسألة القبول أو الرّفض لذلك الاختيار، فالأمر واقع، و فيرمان التكليف أصبح علنيا، ولم يعد من نوادر كواليس المقاهي الفخمة. هذان الهدفان تحقّقا. وانطلق ميركاتو التوزير لمن ثقلت رجل طوافه بالزوايا و خفّت حنجرته عن لوم زائد. وكانت صفة الطّاعة تسبق نزعة التمرّد الجامعة.
سيصفّق مجلس الشّعب طويلا عند تزكية الحكومة القادمة، و سيلعنها اللاعنون، و يبرّد نار الهجومات معسول الكلام من عدو الأمس صديق اليوم. و تنال الثقة اللازمة، وهي تعرف أنّ سحبها سيكون من السّابق لأوانه. و يشهد لها الأشراف دون الأطراف بأنها عصارة تفكير رصين و منهج قويم و نجاح قاب قوسين من الفشل اللعين.
السّؤال الهيكلي:
كم ستدوم فترة إدارة الشّأن العام لهذه الحكومة؟
يجب أن يقع التّحديد الزّمني المعقول الّذي ستعمل فيه هذه الحكومة، ستة أشهر، سنة، سنة ونصف … هذا التّحديد الزّمني مهم كي يطمئن كلّ وزير و يمكنه أن يعمل وفق كم زمني يخوّل له التّعهّد بمنجزات ممكنة.
ما يعلمه كل مواطن أنّ تعداد السّكان في حدود 11 مليون ساكن. فكم عدد الوزراء الّذين يمكنهم أن يسهروا على خدمته؟ 50 أو 60 وزيرا. أم حكومة قليلة العدد جامعة قادرة على ربط شبكة تواصل سريع بين أطرفها.
أصبح المواطن بفضل 14جانفي 2011 عارفا بالامتيازات التي يتمتّع بها وزراء الدّولة، فهل يمكن أن يلتزم كلّ وزير جديد بالتنازل عن تلك الامتيازات و نصف المرتّب لصالح مشاريع في الجهات الدّاخلية؟
من سيتخذ القرار داخل الوزارة؟ فهل تعيين وزير خارج اختصاصه في وزارة و لا يفهم دواليب التسيير العادي فيها سيسهّل عمله؟ّ وهل يبقى الوزير المكلّف لعبة بأيدي المديرين العامّين و الشّواش أم ستكون له اليد القوية و العقل الرّاجح؟ و نحن نعرف أنّ الوزارات في جلّها تراتبية قائمة على الإفلات من العمل و التّنصّل من المسؤولية.
يعرف المتابعون أنّ اللاعب النقابي أضحى فيروسا حاضرا بقوّة في مفاصل الإدارة، و أصبح الولاء لهذا الطّرف الاجتماعي أكثر من التفاني في تقديم الخدمات في المرافق العامة. و لا يمكن ان يقع تقدّم في تجويد العمل الوزاري ما لم يقع الفصل القطعي بين الأمرين. فالنقابة لها اختصاصها ومجالها و للإدارة واجباتها التي تسديها لعموم المواطنين.
مشكلة الحكم في البلد ليست في الأسماء، بل في تطبيق القولة القديمة المسؤول المختصّ في المكان
الملائم للعمل. فقط للماسكين بصكوك الزّوالي و أولاد الحفيانة و العدالة الغلبانة. دعوه يمرّ ….. دعوه يفشل.
قال معاوية بن أبي سفيان.
لين في غير ضعف ، وقوّة في غير عنف. هي معادلة شاقة.