يجب أن نعترف، حتى وإن كان ذلك متأخرا أن حزب نداء تونس هو الحزب الحاكم في تونس. وهذا ما ظهر في عهد الحبيب الصيد، والأكيد أن ذلك سيتعمق أو على الأقل سيتكرر في عهد خليفته. أكاد أقول إننا في عهد الحزب الواحد. هو الذي حاز على الرئاسات الثلاث، وعلى أغلب الوزارات، وسيطر على أغلب التسميات في الولايات والمعتمديات وفي الإدارات المركزية والمحلية وما بينهما. وهذا ما يجعل البقية مجرد أحزاب ديكور. وحتى وزراؤها فهم مثل القائمة الأمامية للحمار التي لا تحك ولا تصك.
ومن هنا فالحديث عن وجود ائتلاف حاكم، يؤدي إلى شيء واحد فقط وهو تخفيف المسؤولية عن نداء تونس المسؤول الأول والآخر عما وصلت إليه الأوضاع التي نعيش في ظلها. صفر تنمية. ارتفاع البطالة. سيادة الفساد. تدهور المقدرة الشرائية. تدهور الدينار. غلاء الفلفل. أكاد أن أقول إن الشيء الوحيد الذي تحقق هو سكوت الإعلام عن النقد، ويمكن أن نضيف إلى ذلك تواطؤ الطبقة السياسية برمتها، بما في ذلك الأعراف والشغالين الموظفين.
وفي هذا الوضع ها هو هذا الحزب يتقدم بكل شجاعة ليطوي صفحة سنة ونصف، بلا حسيب ولا رقيب، ولا حديث عن الفشل ولا من يعيد الأشياء إلى مسببها، والمصائب والكوارث إلى صاحبها = حزب الوعود الكاذبة. بحيث لا يمكن أن ننساها، نتذكرها له كل مرة 10% تنمية. ههههه. ههه. 120 مليار دينار استثمارات. ههههه هههه.
أكبر مراوغة قام بها حزب نداء تونس، هو أنه أسقط حكومة الصيد، دون أن يتحمل مسؤوليته في ما آلت إليه الأوضاع في ظلها. نعم هو راوغ الجميع، فلم يتعرض لمحاسبة على ضوء برنامجه أو برنامج تلك الحكومة التي اختار رئيسها واستحوذ على أغلب حقائبها، وصوّت لها مرتين بالإيجاب ومرة بالسلب. ومع ذلك فإن الجميع اهتموا أولا بالحديث عن الصيد ثم هم بعد ذلك يتحدثون عن التشكيلة المنتظرة. ولا من منتقد أو حتى منتبه إلى مسؤولية الحزب الحاكم.
المراوغة الثانية هو أن نداء تونس جازى نفسه، كما لو أنه حقق معجزات اقتصادية واجتماعية، أو أنه التزم بعهوده ووعوده، بحيث مقابل إنجازاته تقدم بكل طمأنينة لتعويض الحبيب الصيد الذي كان يقدمه لنا على أساس أنه "مستقل" بيوسف الشاهد الذي لا يخفي أنه من صلبه الحزبي، بل حتى من "العائلة" لحما ودما.
وربما ننتظر المراوغة الأخرى وهي أن يستحوذ الحزب الفاشل نفسه على عدد أكبر من الحقائب الوزارية. ويتغوّل بعد ذلك أكثر في الإدارات صعودا ونزولا، وصولا إلى أحقية منخرطيه في التشغيل والحصول على الصفقات العمومية والحصول على العلف المركب وبطاقات العلاج المجاني. وصولا أخيرا إلى ما كان يمارسه أسلافه في التجمع المنحل، جلاد الشعب.