الارستقراطي الصّغير.

Photo

أذكر أنّ جميع وزراء ما بعد انتخابات 2011، لا يفوّت لهم إعلام النخاسة أيّة فرصة للنيل منهمّ. فأصبحت الوزرات حسب زعمهم لا يدخلها إلا "المرابيط" عوض القول إنّهم سجنوا من أجل أفكارهم وناضلوا من أجل الحرّية للجميع. وهم يحكمون النّاس وقد تركوا الشّعب يشاهد التلفزة باللون الأبيض و الأسود. كانت أكاذيبهم تنطلي للأسف على الجمع الغفير من الشّعب الكريم.

و لم يقصروا الأمر عند التّشكيك في كفاءتهم فقط؛ بل وصل الأمر حدّ مهاجمة المسؤولين و نعتهم بأبشع الأوصاف، و لا يمكن أن تنس الذّاكرة تلك القلابس المشؤومة و تشليكها للوزراء بدعوى حريّة التّعبير.و لعلّ إشاعة إثرائهم هي الصّورة التي وقع ترويجها بكثافة في أذهان العامة. فتصعد مع تاكسيسيت ليحدّثك أنّ فلانا كسب يختا من عمله الوزاري، و الأخر اشترى سانية بمئات الملايين. وفي الأخير هم "جواعة" جاؤوا لسرقة مال الزوالي.

و كانت التّسميّة التفويحية للحكومة هي أنّها مؤقّتة، فكلّ ما يقوم به الوزراء هو في عداد المؤقّت. و يتشدّق بتلك التسمية كل طمّاع في التّزلّف و حضور البلاتوات السّاخنة. فإعلاميو النخاسة جعلوا من كلّ منبر تلفزي أو إعلامي فرصة لإثارة الشّغب و العراك. حتى سئم المواطن الفرجة، و أصبح يفتّش عن برامج البطّ سيئة الذّكر.

عجّل ذلك الخبث الإعلامي في رحيل الحكومات المتعاقبة، و لم يتركوا فرصة لأبناء الشّعب المنحدرين من جهات البلاد في حكم يتجّه بقوّة إلى نظام برلماني يقتدر فيه المواطن على إبلاغ صوته. بعد تخلّصه من عبودية ظهر أنّها هي مؤقّتة. و المكتوب عليه هو الاستبداد المتجدّد.

اليوم خرست تلك الأبواق الفاسدة، و التجأت إلى فساد آخر وهي التّشدق بالتفاوت الطّبقي بين من نشأ في العزّ " ولد عايلة" ومن تربّى في الحومة العربي و "وراء البلايك" ، "و شبعان" في مقابل " الجيعان. هؤلاء المرضى هم خراب هذا الوطن الجميل. وهم إن ردّدوا تلك الحقارة الوضيعة فهم يعرفون أنّها تعود إلى مثل ارستقراطي خبيث كان يردّده جماعة البايات الذّين يعتبرون حكام الجمهورية" بعابص ولّوا رؤوس".

كل من يحكم بلادا هو ابن لها، و لادخل للطبقية أو الثراء في تحديد صلاح المسؤولين. وسواء إن كان ارستقراطيا أو "ابن الحفيانة" فهو سيخضع لحكم التاريخ و الزمن و الفعل. ومن يثبت كفاءته فالنجاح سيحالفه ومن سيفشل فلن يشفع له نسبه أو ماله في إبعاد جمهرة الناس ضدّه.

واهم كل من يعتقد أنّ الشّعوب يسرق منها رزقها أو عقيدتها أو ترابها. و لقد جرّبت فرنسا و فشلت ، و جرّب المستبدّون و فشلوا. ومن يراهن على الصّعود إلى الوراء و إحياء الملوكية أو حكم العائلات الغبية ،فسيجد نفسه شريدا مطاردا. كل المواطنين سواء. و التّجربة و الفشل و النّجاح و التعديل هي مسارات يمرّ بها كل وطن. المهمّ أن يتجاوز الشّعب هذه المحن.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات