نسبت جريدة "الجريدة" إلى من تسميهم "بعض محامي الدردوري" القول بأن الملف الذي كان سيُعرض في الندوة "يتضمن قضية متعلقة بتورّط قاض في علاقة حميمية مع إرهابية قاصر متزوجة من إرهابي محل ملاحقات قضائية". لو توقف الأمر عند ذلك، ربما نصدق بوجود تواطؤ من القاضي مع الإرهاب من خلال العلاقة الحميمية [الغرامية] التي ربطها مع الإرهابية. وفي هذه الحالة على الدردوري أن يجيب على السؤال التالي: كيف تمكن من معرفة هذه "العلاقة الحميمية"؟ هل لديه أدلة تجعل منها "فضيحة مدوية" كما جاء ذلك على لسانه؟
نعم يقول أحد محاميه إن لديهم "مؤيدات دامغة وسوف يتم الإفصاح عنها"، وهو ما قد يعني أن تلك المؤيدات هي عبارة عن فيديو يظهر فيه القاضي والإرهابية في وضعيات "حميمية"؟ إلا أن الأمر لا يتوقف هناك وإنما تتولد عنه أسئلة أخرى: كيف تم الحصول على تلك الأدلة؟ ومن أعطى الإذن بالتصوير؟ ومن صوّر؟ ومن جهّز بالكاميرا الخ؟
الجواب يحمله بقية الخبر المنقول حسب "الجريدة" عن "بعض محامي الدردوري"، حيث جاء حرفيا كما يلي: "وكانت هذه الفتاة قد تعاونت مع الأمن لكشف خلية "بوهرتمة" الإرهابية".
وهنا يطرح سؤال هامشي بالنسبة للموضوع: هل يجوز للأمن الجمهوري أن يستعمل القاصرات في أعماله؟
أما السؤال الأهم من ذلك: كيف يمكن أن توجد هذه الفتاة القاصر من جهة في مركز الأمن حيث تعاملت مع الأمنيين، ومن جهة أخرى في مكتب القاضي الذي ربط معها علاقات حميمية؟ ومن وجهها من هنا إلى هناك؟ بمعنى هذه الفتاة التي تتعامل مع الأمن حسب محامي الدردوري، ألم يقع استعمالها بنفس الطريقة للإطاحة بالقاضي؟ وحينئذ من عساه استعملها؟ والأهم من ذلك: ما هي الغاية من استعمالها للإطاحة بالقاضي؟ وما هي القضية أو القضايا التي يُراد من هذا القاضي أن يرضخ فيها؟ وهل هناك قضايا أخرى استعمل فيها نفس الأسلوب؟ والأهم الأهم من ذلك: إلى أي مدى استعمل هذا الأسلوب في الإطاحة بآخرين، من قضاة أو سياسيين أو إعلاميين أو نقابيين أو رجال مال وأعمال أو أمنيين؟
كان يجب أن تطرح تلك الأسئلة على الدردوري، إلا أن منع الندوة الصحفية، قد أنقذه منها. وربما أنقذ آخرين أيضا وراءه. أحد المبررات التي قدمتها وزارة الداخلية لمنع الندوة الصحفية تتمثل في أن "الدردوري مرفوعة ضده قضايا عدلية كان المفروض أن يقوم بتسويتها"، هذا يتوافق مع ما قاله هو نفسه قبل أيام "إذا ما أصابني أي مكروه لا قدر الله هيئة الدفاع... ستتكفل بواجب إنارة الرأي العام"، ومعنى ذلك أنه مهدد بالسجن، ويخشى أن يلقى عليه القبض، ولذلك فكر في عقد الندوة الصحفية حتى يثني القضاء عن التفكير في اعتقاله. والخشية أن يكون منع الندوة الصحفية إشارة إلى أنه حقق مبتغاه، وأن القضية قد حفظت. وحينئذ فعلى تونس السلام.