فرنسا التي كانت وزيرة خارجيتها حتى الثواني الأخيرة تعد شحنة أدوات القمع لمعاضدة المخلوع، أرسلت لنا بعد أيام من سقوطه إرسالية مضمونة الوصول، إكسبراس، تتضمن ليس قنابل الغاز المسيل للدموع وإنما كفاءات إكسبراس، خبراء، تكنوقراط، يحبون البلاد كما لا يحب البلاد أحد، كما لو أن الشاعر تكلم على لسانهم هم دون غيرهم، تركوا مصالحهم وأعمالهم، ورواتبهم العالية، وجاؤوا ليخدموا تونس. هكذا قال لنا الإعلام وقتها. لم يسمع بهم أحد من قبل. لم يدلوا بأي شهادة تخول لهم احتلال المواقع التي احتلوها قبل أن ينقضي جانفي 2011. سعيد العايدي. نموذجا. ومثله ياسين إبراهيم. نعمان الفهري. المهدي جمعة…
هؤلاء الكفاءات التي جيء بها إكسبراس، درسوا هناك في الجامعات الفرنسية، وليس في ذلك ما يعاب بطبيعة الحال، وهم يشتغلون في شركات فرنسية، وليس في ذلك عيب، ويحملون الجنسية الفرنسية إلى جانب الجنسية التونسية، لقد ولى زمن النضال ضد التجنيس. جاؤوا على عجل، ومر الآن من الوقت ما يسمح لنا بالقول إننا جربناهم واحدا واحدا. واحد جدد رخص التنقيب عن البترول لشركات معينة. وإثنان نشرت مواقع عديدة عن أن رئيس الحكومة الحبيب الصيد قدم بخصوصهما ملفات فساد إلى السبسي.
وأما سعيد العايدي. فسيسجل له تاريخ الصحة، ما لم يسبق لغيره وإن اجتمعوا. اللوالب المنتهية الصلوحية التي تم زرعها لمرضى القلب. والأمر لم يكن يتعلق بمريض واحد أو بمصحة واحدة، ولو كانت كذلك لاعتبرت جريمة، وإنما يتعلق بمئات المرضى، و14 مصحة. والله أعلم. وأقصى ما فعله سعيد الكفاءة أنه وجه توبيخا إلى المصحات المعنية، ولم يجد بعد ذلك إلا أن يدعي أنه أضاع وثيقة الإجراءات التي اتخذتها وزارته. هذه لوحدها تجعله مسخرة. ولم ينته الحديث عن اللوالب حتى جاءت فضيحة البنج الفاسد الذي استخدم في مصحات خاصة. شخصيا أقلعت عن تناول اللحم منذ الكشف عن بيع لحم الحمير، فكيف سأنظر إلى عيني أول طبيب يعترضني حتى في الطريق؟
أستدرك هنا لأقول قد يكون تزامن عمليات كشف الفضائح هذه يأتي في إطار مخطط يستهدف الوزير الكفاءة. نعم، لوبيات الفساد تتحرك من أجل استعراض عضلاتها قبل أن يصل أي وزير جديد. الغرفة النقابية للمصحات الخاصة تهدد بغلق قاعات القسطرة القلبية في كامل البلاد، منددة بما اعتبرته "عملية تشهير مفرطة" ضد المصحات الخاصة، ولم تنبس ببنت شفة عن الجريمة التي ارتكبت في غرف عملياتها، في حق المئات من المرضى، مقابل أموال طائلة وبأسعار معولمة.
حملة ضد الوزير، قد تكون. إلا أن استهدافه من قبل لوبيات الفساد، لا يدفع إلى التعاطف معه، يكفي أن نتذكر الحملة التي جاء فيها، والحُلّة التي ألبسوها إياه. وتنمّره إزاء أطباء لا سند لهم، لم يغادروا الصحة العمومية ويعملون في مناطق داخلية. بينما يبدو مصفر الوجه أمام رؤوس الأفاعي. أيها الآكس وزير أنت لست كفاءة. عد من حيث أتيت.