عينك على الوطن..

Photo

نولد على ثرى الوطن ومن رحمه نتغذّى...وهو حيّ قبلنا، و بغيرنا الذين جئنا من أصلابهم، بهم يحيا و بأقدامهم يتعثّر…

نعيش... على ثراه ومن هوائه ومن مياهه نستزيد ونقتات، ومن مترسّبات الهوى في أهدابه نستشفّ و نستشعر الندى و الغنى واليسار و المسار و النهوض والنداء والغناء…

نكبر... والوطن يعيش فينا و نعيش فيه...يكبر الإحساس السلس بأوجاعه فينا و يضمر، بشكل تناوبي و تعاقبي و دوري حسب قوّة الاستشعار المستودعة فينا و حسب قوّة و كثافة الوهن التي تخترق خلايانا و انسجتنا و أعضائنا و أجهزة المناعة و الدوران والتناسل و التنفس لدينا... و حسب ردهات الزمن وحسب مدى و شدّة الشّدو من الأغنيات التي استقتها أرواحنا و وريقات الذاكرة و ثنايا الخيال المفعم بالحياء و الحياة و الإباء..و حسب شذى الذكريات التي نمت على ضفاف الحلم بوطن عزيز حرّ و كريم...

نموت...بعد أن يفقد الجسد فاعليّته في صناعة الحلم في ساحات الوطن... ونحيا حقيقة عندما نحس بنبض الحياة في شرايين الوطن…

نغيب و يبقى الوطن مشرقا ( إن شرّق أو غرّب) يحيا فينا و يحيا في الأمشاج و النّطف التي استودعها الله أصلابنا المحفوظة في اللوح المحفوظ من الأزل...

العين ...عينك وعين للوطن إن كان كلّ انعكاسات الضوء التي ترد على التجويف المقعّر للعين لرسم خيالات مصغّرة و صور فاقع لونها تسرّ الوطن و الفؤاد (الفردي و الجماعي) و النّاظرين…

العين...ليست عينك ولا عين الوطن...أن كان جلّ اهتمامها و رؤياها و رؤاها تقتات من الأجسام و الهياكل و الأشياء التي تسدّ تدفق الهواء و الرخاء و الإستقلال و الإعتدال و التوسّط و الوسطيّة ...عن جسم الوطن ...و هي التي تنفق كلّ زادها ووقتها و خيالها و ذاكرتها و إرثها و موروثها و تراثها من أجل أن توفّق في انزياح ولو قليل لمراكز القوّة و الطاقة و الحيويّة التي تفعم و تمدّ الوطن بمغذياته..لليمين الإغترابي أو لليسار السحيق في الأراضي الجرداء و الفيافي أو للوسط المتخلَّق والمتحلّق حول ذاته النرجسيّة و الذي فقد جزءً كبيرا من حيويته…

عينك…و عيني…و عيننا على الوطن الذي فينا و الذي نحن فيه مع من فيه ومن أكنافه نستعير الأغنيات والتراتيل و الجداول التي تلائم طباعنا و طبيعتنا الأصليّة و الفطريّة والتي نمت ورعت في ثرياه وثراه و رضعت من أثداء الوطن…

عينك …و عيني ..و عيننا.. و عيوننا …لن تكون عيونا صالحة إن لم يجد الوطن في بؤبئها و ''ممّو'' عينها…ما يساعده على تطريز عشِّه الدّحوح للقادمين على مهل من بين فرث و دم في سائل ناصع البياض مرسوم على جيناته مستقبلا حضاريّا سامقا، يُعَزّ فيه من سلك سبله ذللا و يُذَلّ فيه من بحث عن اعتزاز خارج واحات الوطن…

عينك …و عيني و عيننا و عيوننا على الوطن…حتى تنموا فينا عيونا تضخّ الأمل الزلال الذي يحيي منابت و الأشجار الوطن…

عينك على الوطن …ما دمت فيه و دام فيك….ودام الحياء و الغبطة عندما تمسح عن حروفه الأدران و ما علق بها من ممّا كسبت أيدينا…

في الأخير…كن كما تكون و كما كنت و شئت…كن نقابيّا…كن تاجرا، فلاحا أو صناعيا…كن سمسارا، موازيا أو وكيلا…كن مربيّا، عاملا أو سياسيّا، كن تروتسكيا، لينينيا، ستالينيا، ماويا أو حتّى بول بوتيّا…كن إخوانيا، صوفيّا، سلفيّا أو بوست إسلاميا، كن بعثيّا ( بوجهيه) ناصريا أو عصمتيا، كن دستوريا ( قديما أو جديدا)، تجمعيّا أو مشروعيا…كن مالكيا، حنبليا، شافعيا أو حنفيّا…كن بَلديا، بدويا من الفيافي و القفار، او ساحليا….كن كما تشاء ولتكن عينك على من تعشق و تحب و تهوى…لكن… حذاري فالفتنة و الإفتتان في أن لا تجعل بآبيء عيونك المجرّدة مرسما خصبا بألوان زاهية لصور وطنك حتّى و إن جار عليك….

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات