فاجأتني ابنتي تاج اللؤلؤ بورقة اشتدّ لهيبها في راحتيها، فأخذتها دون أن أكترث بنار غلائها. و أخبرتني أنّ" سيدها المعلّم" قال لها غدا تكون الكرّاسات و الكتب في المحفظة.
اكتويت بنار الورقة. فالقائمة عريضة مستطيلة، قلت أمر الملوك طاعة، خاصّة وهو المعلّم صاحب السّلطة المعرفية دون الدنيوية.فلقد زهد فيها لما رأى الأوباش يتزاحمون عليها..
أخذت الورقة بعد أن وضعتها في منديل احتمل عبراتي لسنوات. و دلفت مغازة تعرض الكرّأسات في الأروقة.
أنا الّذي كتب بالرّيشة و المحبرة على كرّاس خطوطه في استقامة خطّي المعوّج، لم أكن أتصوّر أن اجد كرّاسا عدد 72 بـ8دنانير. و كرّأسات ب5دنانير و 3 دنانير.
أنا الذّي اقترضت المال من عند صديق، عرفت أنّ الجهل أرجم بكثير من هذا الترف الغالي.
بأي حقّ يضعون تلك الأثمان؟ ليذهب الزّوالي للجحيم : لماذا الكرّاس الفاخر بذلك الثمن؟
ندمت لأنني قصدت ذلك المكان. و رأيت العبرات تخرج من عيني ابنتي. و أفهمتها بأننا فقراء في المال ولكن لنا كرامة و البعض من الرّياء كي نداري عجزنا.
قصدت السّوق، ووجدت بائعا يصيح كرّاس بدينار كراس بدينار و 500، أسرعت إليه. و لكنه بادرني الكراسات و معها الأدوات دون ذلك لا يمكن البيع.
اشتريت من عنده بثمن قليل. و طلبت من الله أن يرسل إلينا المطر كي تنبت الحلفاء في بلدي فيكثر الورق و لا نركع لمصّاصي دمائنا و ساحقي عقولنا.
عودة في طعم الحنظل.
عادت الميدعة إلى المدرسة، وبقي المتعلّم خارجها ينتظر مصيره، فلا زمن مدرسي واضح و لا روزنامة للتقييم تضبط موسم الحصاد.
المفرح للمتعلّمين هو الدّراسة دون مقصّ الأعداد. و العطل مدفوعة الرّاحة.
كلّ عام و التربية تتخبّط في أحشاء الدّجل و الكذب و تجاوز التربية.
لا أمل مع الألم. و التعليم على حدّ عبارة العلامة القنفوذ: قابي قابي.
إصلاح إيه إلي تحكي عليه !
• إذا كان إصلاح 4نوفمبر 1958 للتربية صدر بقانون منظم.
• إذا كان إصلاح 25جويلية 1991 للتربية صدر بقانون منظم.
• إذا كان إصلاح 25جويلية 2002 للتربية صدر بقانون منظم.
فإن إصلاح 2016 للتربية سيكون رعوانيا لا يحتاج إلاّ إلى " توافقات" لا تمرّ بمجلس النواب. بل يكفي أن تعلن بعض الحساسيات الأيديولوجية عن رضائها حتى يخرج لزمن المدرسي و الكتاب المدرسي و الإرتقاء الآلي إلى العلن معرضا عن الدستور و القوانين و الأوامر.