أطفالنا...عبق الحياة، معنى الوجود، وروح البناء و العطاء...هم لهذا الوطن الأسس الصافية و التبر النقي... الصفحات المتوهجة و الطاقة المخزونة الكامنة...هم يتحوّزون على مراكز القوّة النادرة التي تأمل و تبغي تحقيق الريادة لهذا الوطن...بالرعاية و حسن العناية و بالتدريب المنهجي المتدرّج و الصاعد و بالتشجيع و الدفع بهم لخوض الأفاق بأدواتهم الذهنيّة و السلوكيّة و النفسيّة و التربويّة…
سيرتقي الوطن معهم و سينال المعالي…فقط أن لا نضخّ في أفئدتهم صراعاتنا و أنانياتنا و نرجسياتنا الموهومة…و أن لا نصدّر لهم حروف هزائمنا الذاتيّة و أن لا نعمّم على آذانهم و عيونهم و بقيّة حواسهم، أعراسنا الفئويّة المزيّفة و أحلامنا الغير واقعيّة و أنخاب غرفنا المظلمة و كواليس اجتماعاتنا السريّة….
طفولتنا هم عطر هذه الأرض و رحيق هذا الوطن الخصب …هم سرّ من أسرار الريادة وفتحات من فتوح التصاعد و الرقيّ و السمو و البناء هم فقط بوّابة الثورة الثقافيّة الهادئة و الناعمة و المتأنيّة و الهادفة لكسب المعالي و الأمنيات السبع المتتالية (حريّة- عدالة- تنمية- انفتاح- أمان- حصانة- فاعليّة)، هم حماة حماته…فأرض دون طفولة يانعة، منجرفة و عارية….و وطن دون طفولة كامنة، واهن و مصاب بالفقر و الأنيميا…
و لأنّ القابليّة و الجاهزيّة و الذهنيّة التبريريّة للهزائم و الإنكسارات لا توجد كمصطلحات في معاجم أفئدة الطفولة…بل هي مفرّدات من قواميس السحنات و الرؤى و التصوّرات لمجامع البداوة و الحضر في اللغة و الثقافة و السياسة ( المعاصرة أو في التراث) للشيوخ و الكهول….
فرجاءً دعوا الوطن لطفولته و أطفاله…ففي مآقيهم و بآبئ أفئدتهم، يتدرّب حرّاس معابده و أحلامه و فراشاته و أمنيات رياديته….و على غررهم المحجّلة ينبت الريحان و الإكليل و الزعتر و الزيتون و مسك الليل و الورد الجوري و الخزامى و الأقحوان و الفلّ و الياسمين…..