احتجاجات كبيرة في إندونيسيا للقبض على حاكم جاكرتا باسوكي تجاهاجا بورناما أهوك و طالب المحتجون بمحاكمته و سجنه وهو من عرقية صينية وأقلية مسيحية متحالفة مع رئيس البلاد بتهمة ازدراء الدين الاسلامي واهانة القرأن -
ويعتبر أهوك أول شخص من أصول صينية يتولى المنصب وعمل أهوك نائبا للرئيس جوكو ويدودو حينما كان ويدودو حاكما للمدينة في الفترة من 2012 إلى 2014 وينظر إليه كحليف للرئيس وللصين.
وكان حاكم جاكرتا قد أدلى بتصريحات قال فيها إن منافسيه في انتخابات الحاكم المقررة العام المقبل استخدموا آية من القرآن لخداع الناخبين ومنعهم من التصويت له لولاية ثانية. وسارع بورناما بالأعتذار عن تصريحاته حول القرآن، لكن تعبيره عن الندم لم ينجح في كسب رضا المسلمين وتتواصل تحقيقات الشرطة مع الرجل .
ويعتبر ما صرح به الرجل غباء سياسي كبير خلال سنة انتخابية في بلد يقطنه 250 مليون شخص أغلبهم من المسلمين.
ليس خافيا الدور الذي تلعبه الصين للتأثير على القرار السياسي الأندونيسي وهذا مشروع على المستوى السياسي ولكن التطاول على الأديان هو جريمة مغلضة تعاقب عليها عديد القوانين في بلدان كثيرة ويمكن متابعة مرتكبي هذه الجرائم في عديد البلدان وحذاري من سلك هذا الطريق لأنه كارثي ولا يحقق أي مصلحة.
وللتذكير فان هذا البلد لازال يعاني من مخلفات الماضي وعلى رأسها الفساد في أكبر اقتصادٍ في جنوب شرقي أسيا وتعتبر الحرب على الفساد من أهم الأولويات بعدما تراجع الأرهاب بشكل لافت وبجهد مشترك كان للمجتمع المدني والشبابي خاصة دورا حاسما في دحر أطروحات الأرهاب وتعرية داعميه ومموليه.
ومعلوم أن الديمقراطية بدأت في إندونيسيا منذ إسقاط حكم الرئيس الراحل محمد سوهارتو في الثورةٍ الشعبيةٍ عامع 1998 على إثر الأزمة المالية والنقدية التي ضربت بلدان النمور الآسيوية عام 1997
ويتكون البرلمان في هذا البلد من 550 عضوًا يُمثلون قرابة 230 مليون نسمة هم تعداد السكان ، وأغلبهم من المسلمين وهو ما يمثل 20% من مسلمي العالم.
وفي إندونيسيا ما يزيد على 40 حزبًا تأسس غالبيتها بعد عهد سوهارتو أواخر التسعينيات.
أما عن التركيبة السياسية فهي متكونة أساسا من الأحزاب التي تأخذ من الدين أساسًا لها أو الاتجاه العلماني ؛ بالنسبة للتيار الديني بشقيه الأسلامي والمسيحي هناك أكثر من 10 أحزابً إسلاميًّة، أهمها حزب التنمية المتحدة الذي تأسس عام 1973 م وحزب العدالة والرفاهية الذي تأسس في العام 1999 م الى جانب حزبين مسيحيين رئيسيين، هما: الحزب المسيحي الإندونيسي، والحزب الكاثوليكي الديمقراطي، وكلاهما تمَّ تأسيسه في العام 1998م.
أما الاتجاه الثاني فهو اتجاه علماني يرتكز على أسس المساواة والعدل وأهم هذه الأحزاب حزب النضال الديمقراطي الذي تتزعمه الرئيسة السابقة للبلاد ميجاواتي سوكارنو بوتري ابنة أحمد سوكارنو أحد زعماء التحرير التاريخيين في البلاد.
هناك خمسة أحزاب كبيرة تمثل الثقل السياسي في إندونيسيا وهي
*حزب جولكار الذي تأسس عام 1964 م، وظل الحزب الحاكم طيلة سنوات حكم سوهارتو الـ32، حين لم يكن مسموحًا إلا بوجود ثلاثة أحزاب فقط، هي حزبا التنمية المتحد الإسلامي، والديمقراطي اليساري، بالإضافة إلى جولكار.
*حزب نهضة الشعب الذي يتزعمه روحيًّا عبد الرحمن وحيد ، وهو الأكثر تأثيرًا ونفوذًا في الحياة السياسية بكل إندونيسيا .
*حزب النضال القومي الذي تتزعمه ميجاواتي، والذي تأسس عام 1976 م كحزبٍ يُمثل الاتجاهات اليسارية العلمانية في البلاد، ويضم الحزب نسبة كبيرة من الكاثوليك والبروتستانت والأقليات من أصل صيني.
*حزب التفويض القومي الذي تأسس عام 1998 والذي قاد زعيمه أمين مظاهرات الطلبة عام 1998 م حتى تم إسقاط حكم سوهارتو ، وتتركز شعبية الحزب في جاوة الوسطى، وفي أوساط المثقفين في الجزر الإندونيسية المختلفة، ويدعو الحزب إلى منح الأقاليم مزيدًا من الحرية واللامركزية في إطار دولة فدرالية، وهو ما ترفضه القوى السياسية القومية.
*حزب التنمية المتحدة الذي تأسس عام 1973 م، ويترأسه الدكتور حمزة حاس ويقوم على أساسٍ إسلامي، كما أنه أحد الأحزاب الثلاثة التي كان معترفًا بها في عهد سوهارتو
كما تأسس حزب تحت شعا ر الإصلاح الديمقراطي ويعتبر بأن "الأحزاب السياسية هو ما ينبغي إصلاحه وهذه أولويته".
وفي الأنتخابات الماضية تم احداث "الحملة الوطنية ضد التصويت لساسة فاسدين" بإعداد قوائم سوداء لمن تورَّط من الساسة والبرلمانيين في تلقي رشاوى أو في جرائم بيئية أو انتهاك حقوق الانسان، لمساعدة الناخبين على اختيار مرشحين يتسمون بالنزاهة، ويتم توزيع هذه القوائم في محطات الحافلات وغيرها من الأماكن العامة. وتطالب الناس بتفحص ماضي مرشحيهم، لتلافي اختيار الفاسدين منهم ويطالب بمد النظام القضائي في إندونيسيا بأداةٍ فعالةٍ في معاقبة المسئولين الفاسدين ".
وهناك شبه اجماع لدى المحللين بأن الديمقراطية في إندونيسيا قادرة على تصويب ذاتها، وأنَّه بالرغم من كلِّ مشكلاتها نجحت في ترسيخ مسار ديمقراطي يستجيب لواقع الشعب والبلاد .