رسالة مفتوحة إلى السيد الوزير "الفنّان".

Photo

سيّدي الوزير،

أنا مواطنة تونسية من جماعة "من وراء البلايك"، لا أدّع حبّ السينما ولا أتوهّم الصواب ولا أزعم معرفة الحقيقة، لكن الروائح النتنة المنبعثة من كواليس "أيام قرطاج السينمائية" والأصوات المقزّزة المرتفعة من وراء ستائر قاعات السينما، وهذا التناطح والتكابش الذي لا يليق بمجال يُفترض أن يكون فاعلوه مُبدعين وفنّانين، تجعل أي تونسي، له الحدّ الأدنى من الحسّ السليم، يرفع شارة حمراء في وجه "ثقافة تحتضر".

سيّدي الوزير "الفنّان"،

دعوتك بالوزير "الفنان" لأنّني عاينت الابتهاج والسرور على محيّاك وأنت تُدعى بهذه الكنية، وأيضا لأنّ عند تسميتك على رأس وزارة الثقافة قيل لنا إنّك "فنّان" فاستبشرنا خيرا، فالفنّان مثقّف والمثقّف يختلف عن "العرابني" بأنّه يحمل فكرة يطمح إلى تحويلها إلى مشروع. وأكّد لنا بعض القريبين منك أنّك صاحب مشروع. قد نختلف معك في مرجعية الفكرة التي أسست عليها مشروعك، وقد لا نوافقك في آليات تنزيل المشروع إلى أرض الواقع ولا في مقاربتك في تحويل الفكرة إلى أنموذج. قد لا نقف وإيّاك على نفس خطوط الطول ولا على نفس خطوط العرض، وهذا يفتح أمامنا أفقا للحوار والنقاش والتعديل والتصويب. لكن ما عايناه خلال أيام قرطاج السينمائية هي اللاّفكرة واللاّمشروع واللاّتموضع داخل خارطة الوطن. هي باختصار "خوار عجل السامري"، هي استيهام لعقول الناس، و"حقرة" للشعب العميق، وتجاهل لاستحقاقات شباب ثورة "الكرامة"، وتعميق لفكرة انشطار الشعب التونسي.

في نفس اللّحظة التي كانت فيها نجمات "من قدّام البلايك" يقتنصن فرصة لالتقاط صورة مع الزعيم، كانت حرائر "من وراء البلايك" يتقبّلن خبر استشهاد زعيمهنّ الذي التقطته كاميرا قنّاص فأردته شهيدا. وفي نفس اللّحظة التي كانت فيها كاميرا التلفزة الوطنية تلاحق "النجوم الاصطناعية" داخل قاعة المؤتمرات، كانت روح الجندي المجهول تبحث عن مكان لها في السماء بين نجوم ارتقت إلى ربّها وقدّمت حياتها قربانا حتى تعيش أنت وأنا وتلك الحشود من المرتزقة ونتمتع بهامش الحرية الذي وفّرته لنا ثورة أنجزها شعب "من وراء البلايك".

سيدي الوزير "الفنان"،

لن نطلب منك أن تستقيل، فممارسة هذا السلوك (الاستقالة) تسبقه ثقافة، ووعي مجتمعي تبنيه تنمية إنسانية تتعامل مع الأفراد ليس كأرقام وإنما كبشر، ويفترض أيضا وجود "دولة" تتعامل مع الناس باعتبارهم مواطنين وليس باعتبارهم رعيّة. لن نُحمّلك أكثر ممّا تُطيق، ولكن أقدّم تمنّ ورجاء.

أمّا التمنِّ أن تعيد الاعتبار لشعب "من وراء البلايك" وأن تفتح تحقيقا في جميع ما وقع وما قيل داخل كواليس JCC، وأن تُصارح شعب المُثقّفين بالانتهاكات والتجاوزات التي أساءت للثقافة والمثقّفين في تونس ما بعد ثورة "الكرامة"، أمّا الرجاء أن تقدّم الاعتذار لعائلة الشهيد سعيد الغزلاني، وإلى الفنانين الجزائريين الذين أهانتهم لجنة التنظيم.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات