لم تكن العلاقة بين العرب والولايات المتحدة حسنة خلال ولايتي الرئيس الأميركي باراك أوباما. ومن اللافت أن أحدا من الطرفين لم يسع إلى إيقاف تدهور تلك العلاقة.
على خلاف الرؤساء الأميركيين السابقين فإن أوباما لم يصب الكثير من الاهتمام على الشرق الأوسط، ولم يظهر رغبة في أن تستمر الولايات المتحدة طرفا راعيا لمشاريع السلام المتعثرة بين العرب، من خلال الفلسطينيين، وإسرائيل. كان موقفه منسجما مع الصمت الذي تتطلبه علاقة إستراتيجية جمعت دولته بالدولة العبرية.
وهو ما يعني من جهة أخرى شعورا باليأس من إمكانية التوصل إلى حل نهائي. لم يرغب الرجل في لعب دور تهريجي، تغلب عليه الدعاية من خلال إدارة أزمة معقدة، يعرف أن الولايات المتحدة بسبب قيود علاقتها مع إسرائيل لن تتمكن من تفكيك عقدها والتعامل معها بحياد.
وهو الموقف الذي شكل صدمة بالنسبة إلى العرب، لما انطوى عليه من وجهة نظرهم من عدم اكتراث بقضيتهم، التي لم تعد تقف في أعلى سلمهم، بعد أن استفحلت أزماتهم الداخلية وعمت الفوضى في الجزء الأكبر من عالمهم.
كان العرب في حاجة إلى رئيس أميركي يؤنس وحشتهم ويخفف من شعورهم بالعزلة. أما أن ينتهي عهده بقانون جاستا فتلك كانت الضربة القاضية لكل أمل في بداية جديدة.
لم يخف العرب استياءهم من أداء الرئيس الأميركي فوصفوه بالضعيف. ولكن ما معنى ذلك الوصف؟
ألأنه امتنع عن الانسياق وراء الحملة التي كانت تهدف إلى توجيه ضربة إلى سوريا؟ أم لأنه سحب القوات الأميركية من العراق فاتحا أمام إيران كل الطرق لكي تتمدد في ذلك البلد الذي حطمته الولايات المتحدة؟ أم لأنه وضع كل ثقله من أجل الإسراع في التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران، وهو الاتفاق الذي نظر إليه العرب بعين الشك؟
البعض يتهم أوباما، وهو الحاصل على جائزة نوبل للسلام، بإدارة الحروب الخفية. لذلك لا يختلف عهده من وجهة نظر ذلك البعض عن عهد سلفه جورج بوش الابن في شيء. وفي هذا الرأي يبرز نوع من سوء الفهم المزدوج.
أولا: صحيح أن صلاحيات الرئيس الأميركي واسعة، غير أن الولايات المتحدة دولة تحكمها مؤسسات، البعض منها يتمتع بسرية لا يمكن اختراقها. تلك المؤسسات تعمل وفق نظام خاص بها، لا يقع الإشراف عليه ضمن صلاحيات الرئيس.
ثانيا: من غير المنطقي أن تكون تلك الحروب الخفية التي تزامن وقوعها مع عهد أوباما هي وليدة ذلك العهد، فدولة راسخة وقوية وشرسة مثل الولايات المتحدة لا ترتجل حروبها، ولا تقوم أفعالها على أساس رد الفعل الآني.
ما كان واضحا من سلوك أوباما صده العنيد عن العالم العربي وهدم اهتمامه باسترضاء العرب، بالرغم من أنه سعى جاهدا إلى إقناع أعضاء الكونغرس بعدم التصويت لصالح قانون جاستا. وهو القانون المصمم سلفا وبطريقة متعمدة لإلحاق الضرر بالعرب. ولكن أكان اهتمام أوباما بالعرب ينفعهم في شيء؟
التعويل على ذلك الاهتمام هو نوع من اللعب في الوقت الضائع. هناك رؤساء أميركيون كثر أظهروا اهتماما بالشرق الأوسط وقضاياه، ولم يصب العرب شيئا من النفع بسبب ذلك الاهتمام.
سواء اهتم الرئيس الأميركي بقضايانا أم لم يهتم فالأمر لا يستحق كل هذا الجدل، ذلك لأن الموقف الأميركي محسوم ضدهم، ما داموا عاجزين عن تقديم أنفسهم على المسرح الدولي بطريقة لائقة، يستحقون من خلالها أن تنظر إليهم الولايات المتحدة بمؤسساتها المتشعبة بطريقة جادة.
ربما لن يتذكر العرب حسنات للرئيس الأميركي أوباما، غير أنهم لا يملكون دليلا مقنعا واحدا على أنه كان سيئا أو أنه كان أسوأ ممن سبقه من الرؤساء الأميركيين.