هل العيب في المدرسة العمومية؟

Photo

يعرف الجميع أنّ مشروع إصلاح التربية كان الغائب في برامج الأحزاب. فالكل يريد الوصول إلى المناصب دون المساس بموضوع التربية. فهوشاغل عائلي يومي و لا يمكن أن يتكهن كل سياسي بنتائج ما يقترحه. فتركوه شريدا يتلقّفه المتشعبطون في شجرة الإفلاس القيمي و التعليمي و التعلمي.

شجّع غياب التفكير المجتمعي في مشروع تربوي على ظهور مبادرات لعل صدقها تكشفه نتائج الاجراءات الاستعجالية و الترقيعية التي تعمل على تضميد الدّمامل التي فاض قيحها. فظهرت ميكروبات العنف و التعدي على الأسرة التربوية. ووصلت حدّ استباحة حرمة المدرسة بتحويلها إلى أوكار لتناول المسكرات و المخدّرات.

هي حال المدرسة العمومية هذه الأيّام، و لم يقدر أي إصلاح على القضاء على تلك الممارسات؛ بل إنّ بعض التهويشات الإعلامية جعلت المدرسة في مرتبة المتهم الرّئيسي عن انتشار ظواهر الإجرام و التّطرّف و الإرهاب الفكري و المادّي.

المدرسة الّتي انتخبها روّاد الاستقلال أن تكون رفيعة العماد في الأخلاق و التعليم و إنتاج المعرفة. أضحى سقط المتاع يشكّك في جدوى تخصيص ميزانية ضخمة لها؛ بل وصل بهم الحمق الحضاري بالإنقاص من المصاريف و إيقاف الانتداب. فلا حاجة إلى صرف أموال ضخمة أمام غياب المردودية أو انعدامها و تحوّل خرّيجيها إلى مشكل اجتماعي و تشغيلي و أمني.

هل العيب في المدرسة ؟ هو سؤال جوهري. فإذا كانت المدرسة نقطة ارتكاز يتوقّف صلاح المجتمع على وجودها. فلماذا لا يحفل بها نوّاب الشّعب و يخصّصون من وقتهم الثمين قليلا من الفهم إلى أوجاعها كي تعود إلى سابق ألفها؟

مدرستنا تحتاج إلى مجلس تشريعي منتخب يقدر على ضبط منهجية عمل قصد إصلاح تربوي هيكلي يبتعد عن اللصوصية الإدارية و قطع الطّريق من الأطراف الاجتماعية، فيشرف عليه مختصون في علم التعليم و التعلّم يقع اختيارهم حسب معايار الكفاءة و المصداقية و قدرتهم على الإضافة في المجال التربوي. وهو نقطة الضّعف الجوهرية في المشروع المقترح. فكيف يغيب المختصون التعليميون عن مشروع هم قادة تصوّره و تخطيطه و الإشراف على تعديله و تجاوز نقائصه المعاينة؟

ويبدو أنّ كلّ مشاريع الإصلاح التي دأب على تصوّرها إداريون ليست لهم معرفة عالمة بالمجال التربوي، ويحاولون تنفيذها بقوّة الرّدع السلطوي الإداري، فتفشل و تجد الصّد و ربّما تعطيلها. جعلت هذه الممارسات غير التعليمية التربية عجلة تدور في الفراغ بل تتحوّل إلى معطّل للتنمية و تخريج جماهير تلمذية تعاني أميّة لعينة. و لعل المشروع الحالي الّذي كثر غباره بدأ في التلاشي بمجرّد تعديل طفيف في الزمن جعل المتعلّمين يتحمّلون وزر أخطاء اجراءات ليست لها علاقة بالواقع التعليمي التعلّمي.

مشروع إصلاح التربية ليس نزهة سياسية يغنم منها صاحبها سبقا في استطلاعات الرّأي. هو تخطيط عقلاني يحتاج دراية عالية بالمعارف الأساسية في علم التعليم و التعلّم. و لا يمكن أن يكون المشرفون عليه من خارج دائرة المعرفة العالمة تعليما و تعلّما.

ارحموا أبناء الشّعب من شطحات فلكلورية غايتها التهريج و خسارة المال و المستقبل. المعرفة و إنتاجها جق لأبناء الشّعب في امتلاكها و الانتفاع منها. أمّا تعبئة العلب السّوداء قصد تحقيق أرباح طائلة فهو أمر مقرف و مؤلم.

مجلس النّواب هو الجهة الوحيدة التّي يمكنها أن تقرّر السياسة التربوية لجميع أبناء الشّعب دون إيديولوجيا مريضة بداء النقرس النرجسي و الإقصائي. و لا يمكن أن ينجح أي مشروع إصلاح تربوي يكون تعبيرة عن شهوات مرضية يظهر فشلها بعد حين.( نظام السّداسي مثلا).

كل مسؤول يتهرّب من تحمّل مسؤوليته الوطنية و السياسية في تقرير مشروع تربوي جامع هو يعجّل بتعميم الجهل على كافة أبناء الشّعب. و أما مشروع هذه الأيّام فإن كلّ من شارك و روّج و تحمّس و أخرج صوته كي يدافع عنه فهو يتحمّل مسؤولية فشله أو نجاحه دون استثناء بدءا من الأطراف الاجتماعية وصولا إلى دكاكين الإدارة التربوية.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات