مهما دنا خيالي من خانة التشاؤم لم يكن ليخطر ببالي ، ان يحدث اغتيال سياسي بمسدس كاتم الصوت في وضح النهار ، ولا يهتزّ الاعلام ولا تتحرك الاحزاب والطبقة السياسية ،. لقد قامت الدنيا ولم تقعد مع اغتيل بلعيد والبراهمي رحمهما الله ، وهذا طبيعي ، هذه المرّة " أُمّالي الدار ليسوا هنا ً" ،مجرد خبر عادي وبعض التساؤلات الروتينية والخبر اقل اثارة مليون مرة من عركة بنت مولاهم مع بنت اخرى على سلفي مع عادل امام .
هناك ميزة لذا الاغتيال مقارنته بما سبقه ، انه لا يحتمل رفع شعار " يا غنوشي يا سفاح يا قتال الارواح " ولا يريدونه ان يحتمل اثارات على شاكلة " الامن الموازي " اوتورط احزاب مع الارهاب انا لا يقلقني هذا المزاج ، وهذا التفاوت في الاهتمام ، بقدر ما يقلقني وجود انقسام حقيقة في البلاد ، فهناك كمشة متموقعة في طابور الاعلام ومنتفعي السيستام وبعض ادعياء الثقافة والفن والحداثة ...
هؤلاء يفرضون علينا ان البلاد حدودها ما تطأه دائرة اقدامهم ولا اهتمام بغير ما يرتبط بمصالحهم ومنافعهم ، وهم يصيرون لذلك عصبة وحمية وجوقة تتقن احتكار الاعلام وتثير الرعب والفزع ممن لا ينتمي لعائلتهم ، ما حدث اغتيال سياسي لشخصية مثيرة للجدل وان لم تشتهر ، مهندس طيران وصانع طائرة بدون طيار ، كان مهجرا قبل الثورة ، له صلة ما بسوريا قبل الربيع العربي واخبار عديدة مثيرة ،وقد يكون له ارتباط فكري او سياسي ببعض دوائر الاسلام السياسي ، وبالمحصلة مواطن تونسي يتم اغتياله خارج اطر الجريمة العادية ، بما يختلف هذا الاغتيال في نوعه عن اغتيال ، بالعيد والبراهمي وحشاد وصالح بن يوسف .
ان هذا التقسيم العميق الحاصل ببلادنا ، يؤكد انه اشد وطأة من الانقسام الطائفي او العرقي او الاديولوجي ، انه استحواذ اقلية محدودة العدد على محرار ردود افعالنا وتحكمهم حتى في مشاعرنا ، انا ادعوا الى اغتيال معنوي لهؤلاء الذين ليسوا منا في شيء تصوروا الصحافة المكتوبة تتحدث اليوم عن جريمة قتل وليس اغتيالا وبعناوين ثانوية ، بالمناسبة ،تسربت اخبار عن امكانية التخطيط لاغتيال بصفاقس هذه الايام وبحسب مصادر اعلامية فان وزارة الداخلية نفت وجود هذا الاحتمال ، وبعد الاغتيال هناك حديث عن استقالات بالجملة لقيادات امنية ، اللهم احفظ بلادنا.