حول مقتل تونسي في مدينة صفاقس يوم 15 ديسمبر 2016، لم يكن الأمر واضحا في اليوم الأول. القتيل محمد الزواري نفسه لم يكن معروفا. وحتى استعمال كاتم الصوت في العملية لم يدفع إلى التساؤل عن طبيعتها، وعرض الأمر على أنه قضية حق عام، ونعت الزواري بالهالك، بما قد توحيه هذه العبارة.
ثم اتضح شيئا فشيئا، على الأقل من خلال القناة "الإسرائيلية" العاشرة، وصدر بيان حركة حماس الفلسطينية. أخبار من هنا وهناك تشير إلى الجهة نفسها، الموساد. وبالتالي لم يعد هناك مجال للنكران ولا للتناسي ولا للتغاضي. شهيد تونسي ينضاف إلى موكب الشهداء في سبيل فلسطين. منذ حرب 48 آلاف التونسيين تطوعوا من أجل القضية المركزية للأمة. انضموا في الأثناء إلى مختلف التنظيمات الفلسطينية، من فتح إلى الشعبية إلى الديمقراطية إلى القيادة العامة وصولا إلى حماس. كثيرون منهم استشهدوا، وها هو آخرهم محمد الزواري، رحمه الله.
ما لفت الانتباه بصدده هو مسارعة البعض على الشبكات الاجتماعية لاتهامه بالإرهاب، وأنه وقعت تصفيته في إطار تصفيات بين مجموعات داعشية (كذا)، وحتى حديث عن خلايا داعشية نائمة. آخرون صمتوا تماما عن الأمر، كأن لم يحدث ما يستحق التعليق حتى وإن كان اغتيالا وبالرصاص الحي. وكأن كاتم الصوت أجبرهم على الصمت هم أيضا.
صمت يكشف خلفيات إيديولوجية ضحلة. نعم حتى في قضية فلسطين هناك حسابات سياسية وإيديولوجية داخلية، بقدر ضيق الأفق. وكأن الشهداء حسب الهوية، شهداء لا شهداء قبلهم ولا بعدهم، وشهداء مجرد هلكى.
رثاء إلى أولئك الصامتين، صمتهم يعرّيهم أمام أنفسهم. أما محمد الزواري فهو شهيد.. في سبيل فلسطين.