ينفّذ المدرّسون بكافة جهات البلاد إضرابات حسب توزيع جغرافي. هو قرار ستثبت الأيّام القادمة قدرته على تحقيق الهدف المعلن : وهو ردّ الاعتبار للمدرّس في عقل السّياسي. الّذي خمد و لم يعد يعتبر المدرّس من جنود الصّف الأوّل لحماية العقول من لوثة الدمغجة و توفير أياد و أفكار تساعد على تقدّم البلاد..
هذا السّياسي الّذي يبدو أنّه يعتبر مهنة المدرّس عبئا ثقيلا على ميزانية الدّولة، و ربّما يفكّر في التّخلّص من هذا الكم الغفير من المدرّسين و التفويت في البناءات المخصّصة للتربية و التعليم إلى قطاطس جائعة للمال العام كي تنهب بكل يسر ما عرقلته البيروقراطية الإدارية.
اليوم تتوقّف الدّروس ليس لمطالب ماديّة مثلما تروّج له عادة بيوت الدّعارة الإعلامية. ولم يخرج سفلة الإعلاميين كي يقدّموا دروسا للمدرّسين في الأخلاق الّتي داسوها و كرامة شعب التي خرّبوا كلّ جميل فيها. كلاب النّهش الإعلامي اختار لها مروّضوها ان تعتبر إضرابات المدرّسين في عداد النسيان.
لم تنفع طريقة اكذب و انهش و سوّد عبر الصّورة المؤدلجة و الحوارات المفبركة و الضّيوف الأنجاس في النيل من تحرّكات المدرّسين. هؤلاء الّذين تعرّضوا إلى أبشع النعوت من السّافل الحقير إلى الزلم اللئيم في تحويل بوصلة تمسّكهم بالمدرسة العمومية. المدرسة العمومية قلعة الفقير في تعليم يقيه الخصاصة الفكرية و اليتم الاجتماعي.
المدرّسون بصوت صادق: المدرسة العمومية لن تكون للبيع. خرجوا ذات خريف و أسمعوها في أذن سياسي لا يعترف بأن للمدرسة دورا عظيما في بناء المجتمع. هذا السّياسي الّذي لم تصدرعنه أيّة لفتة إلى هذا القطاع المؤسس للدولة. فلا دولة دون أبناء متعلّمين بعتلون صهوة تسييرها.
مازال السّياسي يناور، و يشتري اليوم بثمن هو خسارة قادمة لرمزية الوجود الفاعل. فماذا يعني التغافل عن دور المدرّسين في المحافظة على مدرستهم.
نعم المدرسة العمومية لها أوجاع تهدّدها، و ليس الحلّ في التّخلّص منها عبر المزاد العلني.
المدرسة العمومية ليست شركة فالسة وجب إحالة إوراقها إلى قاضي الفلسات. المدرسة العمومية ليست إدارة سيئّة التسيير و القيادة وجب حذفها من سجّل البيروقرطية المريضة.
المدرسة العمومية هي أمل مجتمع في مشروع وطني يجعل أبناءها في مناعة فكرية و حصانة علمية و حماية ثقافية و قدرة على المحافظة على الدّولة كيانا و مؤسسات و العمل على التعايش السلمي.
الاسثمار في المدرسة العمومية هو قديم، و لم يكن البايات و لا رجال دولة الاستقلال بخاف عليهم دورها لردم الجهل و التّعصّب و الانتقال إلى المدنية المتحضّرة.
يا أيّها السّياسي. جرّب الاسثمار الوطني في المدرسة العمومية ستكتشف أنّها قادرة أن تكون قاطرة بناء و فداء و توفير مال جرّار.
فــــردم المدرسة العمومية بكل من فيها هو وأد لمستقبل شعب.